الأحد، 2 مارس 2014

زفتى....الجمهورية



زفتى....الجمهورية
المكان : مدينة (زفتى) محافظة الغربية
 العام: 1919
جلس (أحمد) الصبى ذو الاثنى عشر عاما على المقهى الذى يجتمع فيه معظم اهالى (زفتى) ليشاهد المناقشة بين عدد من المثقفين والاعيان والموظفين والطلبة الجامعيين والعمال والتجار من اهالى المدينة ولكنه اكثر من يثير اعجابه بحماسته ولباقته وشجاعته هو (يوسف الجندى) الشاب المصرى ابن مدينة (زفتى) فظل (احمد) متابعا لكلام (يوسف الجندى) منبهرا به حتى ولو ظل (يوسف) صامتا وتحدث احد غيره يظل (احمد) معلقا بصره على (يوسف) متابعا رد فعله لذلك حرص على ان يجلس دائما بجواره،فوجد (يوسف)يقول :
-الخطوة اللى اتفقنا عليها خطيرة جدا ولازم تعرفوا اننا لو بدانا فيها التراجع مستحيل وعواقبها ربنا وحده أعلم بها قولتوا ايه؟
تبادل رجال المقهى جميعا والذين التفوا حوله النظرات قبل ان يقولوا:
-على خيرة الله.
فقال لهم (يوسف):
-نقرأ الفاتحة.
اخذ الرجال يقراون الفاتحة ليقرأها (أحمد) معهم بصوت مرتفع فخورا بحفظه لها فأبتسم (يوسف) له مداعبا راس الفتى بيده قبل ان يقول رجلا فى الستين تبدو عليه الوجاهة:
-الخطوة اللى جاية هتبقى ايه يا (يوسف افندى)؟
 - (عوض) هيسافر (القاهرة) ويتواصل مع الصحف علشان ينشروا الخبر ويعرفه كل المصريين ان (زفتى) اعلنت استقلالها عن الحماية البريطانية واعلنت نفسها جمهورية مستقلة الخبر ده هيشعل حماس المصريين للنضال فى ثورتهم ضد الانجليز للحصول على الاستقلال والمطالبة بعودة الزعيم (سعد زغلول) من منفاه.
  وقف (عوض الجندى) وقال فى صرامة:
-حالا يا (يوسف) هتحرك على القاهرة انشاء الله.
فأنصرف (عوض) للاستعداد للسفر بينما أكمل (يوسف) قائلا:
-دلوقتى هيتحرك وفد مننا للنقطة ونقابل حضرة الظابط ونشوف موقفه ايه من القرار بتاعتنا.
وبالفعل تحرك عدد من الداعين لاستقلال (زفتى) الى النقطة وعرضوا فكرة استقلال على الظابط الذى اندهش للفكرة واعجب بها واعلن انضمامه بكل قواته لتحرير زفتى حتى انه قام بفتح مخزن السلاح ليصبح بين أيدى رجال زفتى ومع انضمام الشرطة لأهالى (زفتى) وسفر (عوض الجندى) للقاهرة لاعلان استقلال المدينة اجتمع (يوسف) بالقيادة الشعبية وقام بمناقشة الوضع داخل (زفتى) من تكوين لجان للنظافة و حصر التموين وطباعة منشورات على اهالى البلدة ولجنة لحفظ الامن يتراسها رئيس نقطة الشرطة وأثناء الاجتماع فوجى الجالسين بشخص ملثم بكوفيه مقبل عليهم فصمت الجميع ليتطلع لذلك القادم فى فضول قبل ان يزيح الكوفيه عن وجهه ليقف الجميع مبهورين قبل ان يقول رئيس النقطة فى دهشة:
-سبع الليل؟
فأجابه الرجل:
-ايوه يا بيه (سبع الليل) قاطع الطريق والحرامى.
فتسائل الظابط فى حذر:
-عايز ايه؟
- انا عايز انضم لكم انا ورجالتى ضد الانجليز يا سعادة البيه.
لم يصدق الرجال ما يقوله (سبع الليل) المجرم وقاطع الطريق والذى أرق بلدتهم كثيرا يريد الان ان يقوم بالتصدى للانجليز،أول من انتزع نفسه من الدهشة هو (يوسف الجندى) الذى توجه نحو (سبع الليل) وربت على كتفه وقال له:
-اهلا بيك بين اخواتك.
اخذت كلمات التهنئة تنهال على (سبع الليل) من القيادة الشعبية باستثناء رئيس نقطة الشرطة الذى صمت ليتابع احتفاء الاهالى ب(سبع الليل) قبل ان يتجه اليه ويقول:
-(سبع الليل)؟
- نعم يا سعادة البيه؟
- انت هتبقى مسئول معايا عن الامن فى البلد.
لم يصدق المجرم التائب ما سمعه من الظابط ودمعت عيناه فنزل على يد الظابط ليقبلها ولكن الظابط سحب يده ليعانق (سبع الليل)،وأخذ العديد من الاهالى يضربون كفا بكف من موقف (سبع الليل) ويقارنوه بموقف عدد من الباشوات والموالين للجانب الانجليزى والذين تجمعهم بهم مصالح،وتم الاتفاق فى الاجتماع على كافة التفاصيل حتى قال (يوسف):
-دلوقتى اتبقى نختار رئيس جمهورية زفتى.
فقال احد الرجال:
-انا برشحك انت يا (يوسف افندى).
فصمت (يوسف الجندى) حتى قام باقى الرجال بتاييده فقال (سبع الليل):
-احنا اختارناك رئيس جمهورية (زفتى) يا (سى يوسف).
فقال (يوسف):
-لا يا (سبع الليل) لازم برده ناخد الاصوات.
 فتم اختيار (يوسف الجندى) رئيس جمهورية زفتى بالاجماع وبذلك تم اعلان (زفتى) جمهورية مستقلة لتصبح الجمهورية الاولى فى الشرق الاوسط فى تلك الحقبة من بدايات القرن العشرين،
وفى نفس الوقت تم اعلان استقلال فى الصحف عن طريق (عوض الجندى) وفى المساء علم الانجليز باستقلال (زفتى) توجهت بقوة لردع المدينة ولكن الاهالى تصدت لهم فأنسحبت القوة مرة اخرى وقام (سبع الليل) ورجاله بقطع قضبان السكك الحديدية لمنع القوات الانجليزية من دخول المدينة وقامت (بريطانيا) بخلع المعتمد البريطانى السير(ونجت) لتهدئة الموقف وعينت بدلا منه السير (اللنبى) واستمد القطر المصرى حماسته من (زفتى) حتى انهم قاموا بتعطيل المواصلات وقطعوا عدد من السكك الحديدية أسوة ب(زفتى) وفى المدينة كانت الحماسة فى أوجها وظل الحال كذلك حتى اخر شهر مارس بعد ان ظلت (زفتى) جمهورية مستقلة عن الاحتلال البريطانى عشرة أيام كاملة أرسلت (بريطانيا) قوات استرالية لتحاصر القرية مهددة باقتحام القرية فى حال عدم الاستسلام مع صدور قرار بالقبض على (يوسف الجندى)،استعد اهل (زفتى) كلهم للمقاومة فكل من يحمل سلاحا كان يتوجه به الى مدخل البلدة ومن لم يحمل سلاحا مسك عصا او شومة وتوجه بها وقام الاهالى باخفاء (يوسف الجندى) حتى لا تطوله يد القوات الاسترالية وصدر قرار بعودة (سعد زغلول) من منفاه والسماح له بالسفر لتغطى الاحتفالات (مصر) كلها و(زفتى) بشكل خاص فقال احد التجار لباقى رفاقه فى الثورة تعقيبا على عودة (سعد زغلول):
-الحمد لله ربنا نصرنا وحققنا المطلوب من الثورة.
فوافقه اخر:
-كده اثبتنا ان الارادة المصرية مش ممكن تنكسر.
فتسائل احد التجار:
-طب راى (يوسف افندى) ايه بعد القرار ده؟
فقال (عوض الجندى):
-انا لما زرته فى المكان اللى هو فيه وافق على التفاوض مع القوات الاسترالية بعد ما بعتنالهم خطاب بالانجليزى قلنا فيه انهم زينا تحت الاحتلال من نفس العدو فوافقوا على التفاوض ومن ناحية تانية الثورة حققت هدفها فمش هنستفاد حاجة بدمار (زفتى).
فتسائل (سبع الليل):
-طب الاستراليين طلباتهم ايه؟
- نسلملهم 20 رجل.
- ليه؟
- علشان يجلدوهم ليحافظوا على كبرياء (انجلترا) ويبقوا عبرة للباقى.
فقال رئيس نقطة الشرطة:
-مش ممكن نوافق على حاجة زى كده احنا نقاومهم اشرف.
فقال (عوض):
-بس (يوسف) وافق.
- ازاى؟
- هتعرف لما اقولك على العشرين اللى هنسلمهم.
وقام المجلس بتسليم عشرين رجلا من العملاء والموالين للانجليز ليقوم الانجليز بجلد عملائهم
لتنجح الثورة ويعود (يوسف الجندى) بعد استقرار الاوضاع وتسطر (زفتى) واحدة من اكبر البطولات فى التاريخ المصرى.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق