الأحد، 28 يناير 2018

من رحلات سندباد

من رحلات سندباد
ما ان انتهى (سندباد) من رحلاته الاشهر (على ظهر الحوت و الرخ و فى جزيرة اكلى البشر وفى الجزيرة التى يحتفظ اهلها بالتقاليد البالية و فى جزيرة العجوز الذى استعبده و الجزيرة التى يسير دماء الشيطان فى دماء اهلها) حتى عاد مرة اخرى الى موطنه (بغداد) مدينة السحر والعجائب،ليتسقبله الاصدقاء والاحباب بترحاب ومؤدة شديدتين وانبهروا بقصصه حتى ان (معروف الاسكافى) فقد احساسه بالمكان حتى ظن انه فى سفينة برفقة السندباد يصارع الامواج وبعد قضاء الليلة مع الاصدقاء بين المصدقين والمكذبين والحالمين مضى (سندباد) فى الايام التالية لتأسيس تجارته بما كسبه من ماس ومرجان وزمرد واحجار كريمة ونادرة لم يراها بشرى قبله اقتناها من رحلاته، وبعد شهور قليلة من تاسيس تجارته الكبيرة ظل احساس بالحنين يرافقه للبحر فيذهب يوميا الى مرفأ السفن يتطلع البحر والسفن القادمة والراحلة حتى عقد العزم على الرحيل فترك تجارته امانة فى عنق احد اقاربه وزار شيخه يطلب منه النصح والبركة لينطلق بعدها على ظهر سفينة دون ان يحمل معه ايا من كنوزه وقد تعلم من رحلاته السابقة ان البحر عند غضبه يتم القاء الحمولة الزائدة وهى المتاع والاغراض كما ادرك ايضا ان الثروة فى عالم البحر قد تكون تجلب المتاعب اكثر من الفوائد ولكنه احتفظ بجوهرتين فقط فى جيبه بالاضافة لعدد من الدراهم والدنانير، وانطلقت السفينة فى البحر وفى اليوم الرابع من ابحارها اشتدت العواصف والاعاصير لتقذف العاصفة بالسفينة وتتمايل فى وسط البحر دون هدى طوال الليل لتتحطم السفينة فى اخر الليل ويلقى كل بحار بنفسه فى الماء ويحاول كل منهم التعلق بقطعة خشب طافية املا فى النجاة، وفى الصباح التالى ومع شروق الشمس بدت السماء صافية ظل سندباد ينظر حوله لعله يجد اى من رفاق السفينة ولكنه ففوجىء بجزيرة فأسرع يسبح تجاه الجزيرة حتى وصل اليها وألقى بنفسه على اليابسة غير مصدقا نجاته، وبعد مرور بعض الوقت استطاع ان يستجمع قوته وبدأ يتفقد الجزيرة بحثا عن طعام اوشراب ووجد شجرات الاناناس لياكل ويروى ظمأه وبعد لحظات ظهر اهل الجزيرة يرتدون ملابس مصنوعة من ورق الشجر
وبداوا يسألون (سندباد) عن ما جاء به الى تلك الجزيرة فحكى قصته لهم وبعد لحظات بدأ سندباد يسمع دبيب قوى على الارض فأصاب الذعر اهل الجزيرة وبداوا يجرون فى كل مكان فشعر (سندباد) بالدهشة وحاول ان يسألهم عن ما يخيفهم ولكنهم كانوا مشغولين بالهرب وصرخ احدهم فى (سندباد):
-اهرب.
فنظر (سندباد) تجاه الصوت الذى بدأ يقترب فوجد عملاق يقترب نحوه فأسرع (سندباد) بالهرب مثل الاخرين وما ان استطاع ان يختبى وبعد ان مر العملاق ورحل حتى اجتمع (سندباد) مع باقى اهل الجزيرة ليسألهم عن ذلك العملاق فأجابه زعيم الجزيرة:
-هذا العملاق ما هو الا ساحر شرير يستطيع ان يبدل هيئته فى اى شكل فيظهر فى شكل حية عملاقة او طائر رخ او عملاق كما شاهدته فقد كنا نعيش قديما اهل الجزيرة فى سعادة نتاجر بما لدينا فى الجزيرة من ذهب ولؤلؤ ومرجان مع التجار المارين من هنا حتى ظهر ذلك الساحر الشرير واستأثر بكل ما فى الجزيرة لنفسه ومن وقت لاخر يقوم بارهابنا وقتل عدد منا حتى نظل تحت طاعته ويأخذ مننا ضحايا لاطعام الوحش الخاص به.
- أى وحش؟
- هو وحش له رأس ثور وجسد انسان.
فردد (سندباد) بدهشة:
-المينوتور!
- ماذا؟
- لا عليك، ألم تحاولوا التصدى له؟
- حاولنا كثير ولكن فى كل مرة نفشل ويعاقبنا بشدة.
- حسنا انا لدى فكرة للتخلص من هذا الساحر.
- ما هى؟
- نتخلص اولا من جزء كبير من مصدر قوته وهو حيوانه.
اعد سندياد خطته بأن صمم نموذجا لشخص ضخم حتى يغرى به المينوتور الذى اعتاد ان يمر فى الجزيرة لاصطياد ضحاياه فأسرع المينوتور وقبل ان يصل الوحش الى ضحيته كان قد سقط فى فخ من الحبال قد اعده سندباد واهل الجزيرة وفى لحظة واحدة انهالت عشرات فروع الاشجار المدببة اطرافها على الوحش لتصرعه فى لحظات وعندما علم الساحر بذلك جن جنونه وبدأ فى صب لعناته على أهل الجزيرة فيتخذ اشكال وحوش رهيبة مثل التنين المجنح ويبث نيرانه على الاكواخ وتارة اخرى يتخذ شكل ديناصور حتى ساد الذعر والرعب بين اهل الجزيرة حتى قال (السندباد) لهم:
-سأنفذ الجزء الخاص بالتخلص من الساحر ولكن اطلبوا منه الصفح عنكم فى مقابل تسليمى له.
فأندهش اهل الجزيرة قبل ان يقول زعيمهم:
-ولكنه لن يرحمك.
فقال (سندباد) فى هدوء:
-اعلم ذلك بل انه سيحاول جعل منى عبرة.
- وستذهب لك بمفردك؟!
ابتسم (سندباد) وقال:
-لدى خطتى.
وكما اتفقوا عرض اهل الجزيرة على الساحر تسليم الغريب –(سندباد)- لرفع عقابه عنهم فربطوا (سندباد) بالحبل وتركوه كما طلب منهم الساحر فى ساحة واسعة خالية من الاشجار بمنتصف الجزيرة وانتظر اهل الجزيرة حتى ظهر الساحر متخذا شكل سحلية عملاقة تتهادى امامهم ليتعد اهل الجزيرة مرتعدين للخلف يشاهدون الساحر يتهادى بالقرب من (سندباد) الذى بدأ ثابتا حتى اقترب منه الساحر بشدة وفتح فكيه مستعدا لالتهامة وفى حركة مفاجئة تحرر (سندباد) من قيوده الوهمية وصوب نصل خنجره فى قلب الساحر مباشرة لينتفض الساحر ويستعيد هيئته البشرية ويلقى مصرعه فى الحال، واحتفلت الجزيرة كبطل لتلك الجزيرة واستطاعوا ان يعاودوا الحصول على خيرات الجزيرة التى استاثر بها الساحر وكافئوا (سندباد) على مساعدته لهم فى التخلص من ذلك الساحر باعطائه ذهب وياقوت ومرجان وألماظ وبعد اسبوع مرت سفينة بالقرب من الجزيرة ليغادر (سندباد) على متنها وسط وداع حار من اهل الجزيرة واستقل (سندباد) سفينة اخرى عاد بها الى موطنه (بغداد) برحلة ومغامرة جديدة.
تمت (توتة توتة حلوة ولا ملتوتة)
*ملحوظة قصص (السندباد)الست التى ذكرت فى بداية القصة جاءت فى رواية (ألف ليلة وليلة)
لأديبنا العالمى (نجيب محفوظ) فى الفصل الخاص (بالسندباد) فى الرواية.