الخميس، 27 ديسمبر 2018

قصة حب أخرى


قصة حب أخرى
بداخل كافتريا متوسطة المستوى جلس شاب يناهز عمره الخامسة والعشرون يتطلع بحب شديد الى فتاه تقاربه فى السن قبل ان يقول:
- انا خايف من مقابلة والدك.
- ليه يا (ابراهيم)؟! انا قولتله بصراحة عن كل حاجة وانك بتحبنى وانا ببادلك نفس الشعور وقولتله على كل ظروفك وبعدين بابا مربينى على حرية الاختيار وعمره ما رفض ليا طلب.
- ده مش طلب يا (كنزى) ده جواز ومستقبل وبعدين الفرق بينا كبير اوى انا من الشرابية وانتى فى فيلا فى التجمع.
- قلتلك انا ميفرقش معايا الكلام ده.
فى اليوم التالى توجه (ابراهيم) الى فيلا فزادت فخامتها من ارتباكه وبقدوم والد (كنزى) انتفض واقفا ليصافحه الرجل متفحصه بابتسامة بشوشة قبل ان يدعوه للجلوس فى ترحاب قائلا:
-عامل يا ابو (خليل) مش اسمك (ابراهيم) برضه؟
فقال (ابراهيم) مرتبكا:
-ايوه يا افندم.
- كلمنى عن نفسك شوية يا ابراهيم.
- انا يا افندم عندى خمسة وعشرين سنة متخرج من كلية الاداب قسم فلسفة وبشتغل كول سنتر مع (كنزى) بنت حضرتك ووالدى موظف فى شركة الكهرباء ووالدتى ربة منزل واخويا فى كلية الحقوق.
- ممتاز، تقدر يا (ابراهيم) تفتح بيت؟
- ان شاء الله يا افندم بس طبعا مش فى نفس المستوى اللى (كنزى) عايشة فيه.
- اكيد يا ابراهيم انت لسه فى اول حياتك، صحيح مرتبك كام؟ اصل بصراحة معرفش كنزى بتقبض ايه يادوب بتصرف مرتبها فى اول ثلاثة ايام وبعدها بتاخد فلوس اكتر من سبعة الاف جنيه فى الشهر اصلها رافضة انى اشغلها فى شركة من شركاتى او عند حد معرفة حماس شباب.
فصمت ابراهيم للحظات وقال لنفسه:
-ان هذا الرجل ليس سهلا فبالرغم من بشاشته وترحابه الا انه اوصل اليه فارق المستوى بينهم.
فقال (ابراهيم):
-ثلاثة الاف جنيه.
- حلو مش وحش بس مدخر حاجة تقدر تبدأ بها مصاريف الجواز.
- ممكن نبدأ حياتنا فى ايجار جديد.
- فين؟
فأرتبك (ابراهيم):
-ممكن عندنا فى الشرابية.
فصمت الرجل وعلت وجهه ابتسامة شعر (ابراهيم) انها تحمل سخرية
وبدأ يتحدث معه ما يقارب الساعة قبل ان ينهض (ابراهيم) للرحيل ليتجه الاب الى ابنته لتسأله بلهفة:
-ايه رأيك فيه يا بابا؟
- شكله شاب مجتهد ومحترم.
- يعنى موافق يا بابا.
- موافق على ايه انا لسه بكون انطباع عنه ودى اول مقابلة معاه، متقلقيش يا حبيبتى كله فى الاخر نصيب وخير ان شاء الله.
فتوجه الرجل الى زوجته التى قابلته بحنق لتساله:
-هتعمل ايه هتوافق؟
- انتى مجنونة طبعا لا بس انا عملتلها اللى هى عايزاه وقابلته علشان مايبنش انى واخد موقف من اختيارها او بسبب ظروفه ومتتعلقش به اكتر وبعدين هعرف ازاى انهى الموضوع.
- يعنى مش هتجوزها الولد ده اصلى سمعتك بتقول عليه مجتهد ومحترم.
- وده حقيقى محترم ومجتهد بس لنفسه ولاهله ولواحدة من طبقته مش لنا اللى هما فيه ده شغل شباب اتعلقوا ببعض وممكن يكون حصل موقف طلع معاها جدع فيه بس فى الاخر ده اعجاب.
ولم يمض الشهر الا وكان (ابراهيم) قد انفصل عن (كنزى) بعد ان فتح والدها عينيها على الفارق بينهما، لتترك بعدها العمل وتعمل مع والدها فى شركته وتخطب بعد انفصالها عنه بستة أشهر من شاب فى نفس مستواها الاجتماعى، فعرف (ابراهيم) كل تلك الاخبار وجلس مع صديق عمره على القهوة وقص عليه ما حدث فقال صديقه:
-بس ابوها ده باشا خد البنت على قد عقلها وركبك المرجيحة وخل الموضوع وهيجوزها زى ما كان عايز ومن غير ما يضغط عليها.
فصمت (ابراهيم) بتاثر وقال:
-بس انا كنت بحبها لنفسها.
- حتى لو حبيتها لنفسها انت برضه غلطان.
- ازاى؟
- لما عرفت انها ساكنة فى فيلا فى التجمع وخريجة كلية من ثلاث حروف بالانجليزى وعندها عربية وبتركب اوبر كان لازم تبعد عنها.
- يظهر ان عندك حق.
فأكمل صديقه:
-اهى تجربة فى حياتك هتتعب شوية دلوقتى بس بعد كده هتقابل غيرها اللى من توبك وهتبقى مجرد ذكرى تبتسم وتحس بشجن لما تفتكرها ومين عارف يمكن ربنا يكرمك وتعدى وتخلف بنت وساعتها برضه تبعد بينها وبين واحد شحات زيك عايز يتجوزها.
تمت



الجمعة، 10 أغسطس 2018

وظيفة شاغرة

وظيفة شاغرة
عدلت الانسة (ندى) نظارتها على وجهها ومررت أناملها على شعرها الاسود القصيرة فى حركة تعكس توتر يظهر فى عينيها وقد بدأت تحرك قدمها بحركة لا ارادية فألتفت اليها الفتاة التى تجلس بجوارها فى غرفة الاستقبال بالشركة التى قدمت فيها للعمل كسكرتيرة فتوقفت عن الحركة بقدمها وظلت ساكنة وبدأت الفتيات فى الدخول لحضور المقابلة الشخصية حتى كانت (ندى) أخر تلك الفتيات فدخلت الى مدير الشركة فجلست امامه ونظر الى ملفها فرفع عينيه اليها وقال:
-مساء الخير يا أنسة (ندى).
- مساء النور يا أفندم.
-  السيرة الذاتية الخاصة بك توضح مهارات كبيرة واجادة العديد من اللغات.
- شكرا.
- ولكن هناك أمر أستوقفنى فى سيرتك الذاتية.
- ما هو؟
- أنك عملتى فى العديد من الشركات الكبيرة لفترة صغيرة.
- هذا ما أريد ان أصرح به لحضرتك، هناك أمر يجب ان أعترف به لحضرتك وان تعلم به قبل أن تتخذ قرارا بتعيينى لديك فى الشركة؟
- ما هو؟
- كل الشركات التى عملت بها من قبل كل مديريها يموتون خلال شهر.
تطلع مدير الشركة اليها فى شك وتسائل باسما:
-كيف؟
- كما أقول لك عملت فى أربعة شركات توفى مديريها خلال شهر واحد فقط.
- وكيف ماتوا؟
- أسباب مختلفة فالأول مات نتيجة تعرضه لانه لم يلحظ سلك كهرباء فتوفى نتيجة صدمة كهربائية والثانى توفى نتيجة سقوطه من شرفة مكتبه اما اخرهم فمات بسبب انخفاض حاد فى الدورة الدموية، لذلك يعتبرنى البعض فأل سىء ويرفضون توظيفى وأعتقد ان لهم حق فى ذلك.
أبتسم مدير الشركة وقال:
-تلك تفاهات يا أنسة (ندى) لن يمنعنى أن اعين كفاءة مثلك بسبب تلك الترهات.
- سيدى فلتفكر جيدا فى ذلك.
- لقد أتخذت قرارى وستبدأى فى استلام مهامك من الان.
- شكرا لك يا سيدى وأعدك انك لن تندم على ذلك القرار.
بدأت (ندى) فى العمل لدى الشركة بشكل منتظم ولمدة شهر كامل لم تحدث حادثة واحدة فقام مدير الشركة بطلبها فذهبت الى مكتبه فقال لها:
-شكرا على الشاى.
- ارجو ان يروق لك يا سيدى.
فقال لها باسما:
-لقد مر شهر على عملك فى الشركة ومازالت انا على قيد الحياة.
فقالت ضاحكة:
-الشهر لم ينتهى يا سيدى فاليوم هو اليوم الثلاثون ولم تمر الساعة الثانية عشرة حتى الان.
فضحك قائلا:
-تبقى ساعة واحدة فقط.
بعد لحظات أصابت المدير نوبة سعال متصلة قبل ان يبدا الشعور بعدم القدرة على التحكم فى أطرافه فنظر الى (ندى) مستغيثا فأبتسمت الاخيرة قائلة:
-أرى ان الشاى الذى أعددته لك بدأ مفعوله يظهر عليك لقد حذرتك عند العمل لديك ولكنك كنت أحمقا مثل المديرين الذين سبقوك.
فقال بصوت مبحوح:
-ماذا وضعتى فى الشاى؟
- مثلما قتلت المدير الاول بالكهرباء والثانى دفعته من اعلى الشرفة والثالث اعطيته جرعة زائدة من الدواء وضعت لك السم فى الشاى.
- لكنهم سيكتشفون جريمتك.
- نسيت ان أقول لك ان ذلك السم تركيبة لا يظهر بتاتا وستفسر حالتك على انها ازمة قلبية.
فنظرت الى ساعتها وقالت:
-انت الان فى أخر مراحل السم وستموت خلال دقيقتين اى قبل ان اتم الشهر لديك بخمسون دقيقة كاملة.
- لماذا تفعلين ذلك؟
- بسبب حبى للمغامرة والجريمة وبسبب ذكائى الذى لن يستطيع احد ان يصل الى مرحلته وان يكتشفنى.
وبعد لحظات سكنت حركة مدير الشركة الى الابد.
********************************
بعد أسبوعين               
جلست (ندى) امام مدير احدى الشركات فى خجل قبل ان يقول:
-كل تلك مصادفات يا انسة (ندى) وسيرتك الذاتية تؤكد كفاءتك.
-ولكن الاربعة مديرين الذين ماتوا خلال شهر من عملى....
فقاطعها قائلا:
-كل ذلك مصادفات وانا قد اتخذت قرارى بتعيينك فى الشركة.
- سيدى فلتفكر جيدا فى ذلك.
- لقد أتخذت قرارى وستبدأى فى استلام مهامك من الان.
- شكرا لك يا سيدى وأعدك انك لن تندم على ذلك القرار.
فأبتسمت (ندى) وبدأت فى مباشرة عملها.
تمت



السبت، 23 يونيو 2018

فى الطابور

فى الطابور
وقف الاستاذ (فؤاد) فى طابور طويل بأحد المصالح الحكومية ينتظر دوره لانهاء عدد من المصالح الخاصة به وخلفه فى الطابور وقف الشاب (أمير) ينتظر دوره وكعادة المصريين فى تلك المواقف بدأ التعارف بينهم عن طريق دعابة متعلقة بالطابور ثم يتم التعارف بينهم ويبدأ سرد تاريخ حياتهم وسرعان ما ينضم شخص ثان وثالث ورابع الى الحديث وبعد ساعتين هون كل من فى الطابور على الاخر انتظاره حتى وصل الاستاذ (فؤاد) الى الموظف المختص فنظر الموظف الى الاستاذ (فؤاد) بكراهية دون سابق معرفة ونفخ فى الهواء قبل ان ينظر الى الاوراق وتألقت عينا الموظف كأنه عثر على كنز واعاد الاوراق الى الاستاذ (فؤاد) وقال:
-ورقك مش كامل محتاجين وصل كهرباء ، اتفضل.
فخرج الاستاذ (فؤاد) ليدخل مكانه (أمير) فنظر الموظف له بنفس نظرة الكراهية دون سابق معرفة ايضا وتطلع الى الاوراق ولمعت عيناه ايضا وقال والفرحة تتطاير من فمه:
-ورقك مش كامل محتاجين شهادة قيد عائلى.
وانصرف (أمير) من الطابور وبعد ثلاثة أيام عاد (أمير) الى المصلحة الحكومية ووقف فى الطابور وشاهد الاستاذ (فؤاد) مقبلا فأشار له مرحبا وقال :
-اتفضل يا استاذ (فؤاد).
وجعله يقف امامه وبدأ يتحدثان فى كافة الامور بدءا من الرياضة واخفاق المنتخب القومى فى كاس العالم حتى نظام التعليم فقال (أمير):
-النظام فى العالم كله بس عندنا موضوع الطوابير زيادة عن اللزوم.
فقال الاستاذ (فؤاد):
-انت عندك كام سنة يا امير؟
- 27 سنة.
- انا بقى قربت على الستين وطول عمرنا متمسكين بفكرة الطابور زى ما بتقولوا يا شباب النهاردة أسلوب حياة.
فلم يقتنع (أمير) وظهر ذلك على وجهه فضحك الاستاذ (فؤاد) وقال:
-انا بنتى عندها 25 سنة وخريجة كلية اداب قسم انجليزى برضه مش بتقتنع بالكلام ده يظهر انكم كلكم جيل دماغكم واحدة.
وفجاة برقت عينا الاستاذ (فؤاد) وجاءته فكرة غريبة فكتمها فى نفسه حين يأتى المرة القادم فى الطابور لانه يعلم ان مصلحته لن تنقضى من زيارتين فقط للمصلحة الحكومية فأحتفظ بالفكرة لنفسه بدأ فى استكمال حديثه مع (أمير) حتى أقتربا من الموظف فلم يكن امامهما الا امراة بدت فاتنة خاصة وانها قد ارتدت فستانا قصيرا
فأنتفض الموظف من مكانه وارتسمت على وجهه ابتسامة ونظرة حب دون سابق معرفة ليقول للمرأة برومانسية حاول ان يقلد فيها (عبد الحليم حافظ):
-يا أفندم مش تقولى ان حضرتك واقفة فى الطابور كنا مشينا حضرتك على طول.
فأبتسمت المرأة فى دلال وقالت:
-ميرسى، انا كنت عايزة اخلص الورق بتاعى ممكن تشوف كده ورقى كامل؟
- يا افندم لو مش كامل يكمل.
فأطلقت ضحكة مدروسة وقالت:
-انت جانتى خالص.
تصبب العرف على وجه الموظف وتطلع الى الاوراق بارتباك وقال:
-هو الورق مش كامل بس دى شكليات، ممكن البطاقة؟
فقال بأسف:
-انا نسيتها فى البيت كده مش هينفع الورق يخلص؟
- يا افندم احنا واثقين فى حضرتك وبعدين لازم منعطلش مصلحة الجمهور ونبطل بيروقراطية ونعمل زى بقية دول العالم.
فزادت حماسته وشعر بانه يريد ان يكمل خطبته وقال بورع وتقوى:
-وبعدين ربنا هيحاسبنا على انجاز مصلحة الناس.
فمنحته ابتسامة ليكمل عمله وانهى ورقها لتنصرف بعد ان شكرته وقد شاهد الاستاذ (فؤاد) و(أمير) كل هذا فقال الاستاذ (فؤاد):
-يا مسهل الحال.
وأقترب الاستاذ (فؤاد) من الموظف بعد انصراف فرفع الموظف بصره الى الاستاذ (فؤاد) وقال فى ضيق:
-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.
فأعطاه الاستاذ (فؤاد) الاوراق وقال:
-انا جبت وصل الكهرباء.
فتطلع الموظف الى الاوراق وقال:
-ختم النسر بتاع المصلحة الحكومية بتاعتك مش باين لازم يبان.
فقال الاستاذ (فؤاد):
-طيب فين يا عم الثقة اللى بين الشعب اللى كنت بتتكلم عليها من شوية وانجاز مصلحة الناس وربنا هيحاسبك عليها.
فقال الموظف:
-علشان كده لازم ادقق (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
فخرج الاستاذ (فؤاد) من الطابور ودخل مكانه (أمير) لينظر له الموظف بنفس نظرات الكراهية وبنفس الدون سابق معرفة وتطلع الى الاوراق وقال:
-ناقص تجيب صورة من جواز السفر.
فتسائل (أمير) بغضب :
-هو حضرتك مش بتقول الحاجات الناقصة ليه كلها مرة واحدة وبعدين الحاجات دى مش مكتوبة فى قائمة الاوراق المطلوبة.
- يا استاذ هى دى اللوائح ومتعطلش مصلحة الناس.
- انا اللى معطلش مصلحة الناس.
فانصرف الاثنان وعادوا بعد عدة ايام باتفاق على يوم محدد وفى ذلك اليوم جاء الاستاذ (فؤاد) ومعه ابنته (رانيا) فى الطابور وقد تأنقت وبدات تتكلم كالفراشات الحالمات ليبدا (أمير) فى الاعجاب بها وبينما هم واقفين منتظرين دورهم شاهدوا الاستاذ (عبد الحميد) احد اصدقاء الطابور ليصافحوه ليسأله الاستاذ (فؤاد):
-ايه اللى جابك يا استاذ (عبد الحميد) انت مش الحمد لله خلصت وررقك.
- والله وحشتونى ووحشتنى وقفة الطابور معاكم قلت اجى ازوركم.
فقال (أمير):
-فيك الخير والله يا استاذ (عبد الحميد).
وكالعادة لم يكملوا مهمتهم فى ذلك اليوم وعادوا فى يوم اخر ولكن جاء (أمير) بأسرته فى الطابور ومعه خاتم خطوبة وكذلك جاء الاستاذ (فؤاد) بأسرته الى الطابور وقام (أمير) بتقديم خاتم الخطوبة الى (رانيا) ابنه الاستاذ (فؤاد) وتم الاحتفال بالخطوبة فى الطابور وفى ذلك اليوم استطاعوا ان ينهوا الاجراءات الخاصة بهم وقاموا بتشغيل عدد من الاغانى الوطنية احتفالا بانتهاء رحلتهم ووقفتهم فى الطابور.

تمت

الخميس، 3 مايو 2018

فى المدرسة

فى المدرسة
التعليم كالماء والهواء (عميد الادب العربى طه حسين)
..............................................
-1-
فى احدى المدارس الحكومية الابتدائية للبنين
قبل ان تبدأ اولى الحصص الدراسية وبداخل الفصل الذى وصل عدد طلابه الى ما يزيد عن الخمسين طالبا بداوا فى الغناء والرقص على احدى الاغنيات الشعبية باستثناء عدد محدود من الطلاب لا يتجاوز عددهم عدد اليدين يشاهدون زملائهم ويكتفون بالابتسامة وما هى الا لحظات حتى دخل المعلم الى الفصل ليصمت الجميع ويهرعون الى الارائك مسرعين ليجلس كل اربعة بصعوبة بجوار بعضهم البعض فأخرج المعلم كتبه ونظر الى الطلبة متوعدا ووضع خرطوم الماء والتى يستخدمها كأداة للعقاب وقال لهم بعنف:
-انتوا فشلة عمركم ما هتنفعوا.
وبدأ فى شرح الدرس فرفع احد الطلبة يده ليصيح المعلم فيه:
-خير عايز ايه؟
- كان عندى سؤال يا أستاذ؟
- سؤال ايه يا حبيبى انتوا اكتر من خمسين والحصة مدتها خمسة واربعين دقيقة يعنى لو سمعت سؤال من كل واحد منكم ورديت عليه فى دقيقة الحصة مش هتكفى اسمعوا اللى بقولكم عليه واللى يفهم يفهم واللى ميفهمش يا اما ياخد درس او مجموعة وبعدين لما تنجحوا هتبقوا ايه انتوا ولا معكم لغة او لا كمبيوتر ولا وسايط فمش هتعملوا حاجة بشهاداتكم وهتشتغلوا اى حاجة.
...................................................................................
)في هذا الوطن سوف تجد كافة الطبقات الاجتماعية – وعلى اختلافها – طبقاتٍ متساويةً فيما بينها. فمثلاً لن تجد الغني متعالياً على الآخرين ولن تجد الفقير أيضا خانعاً يحط من قدر نفسه. سوف تجد هنا الروح الحقيقة للمساواة التي تفيض وتسري في المجتمع بِرُمَتِهِ، وتقوم على مبدأ الإيمان بأن الناس جميعا سواسية فيما بينهم)
  (المفكر الإنجليزي باسيل تشابنرن- عن المجتمع اليابانى)
..................................................................................
-2-
فى احدى المدارس الخاصة
فى الامتحان جلس طلبة الصف الابتدائى يستعدون لاداء الامتحان ولكن التوتر اصاب جميع الطلبة بسبب صعوبة الامتحان فهذه هى المرة الاولى التى يأتى لهم امتحان بتلك الصعوبة ففى مراحل تعليمهم وفى كل المواد كان يتم فى اخر اسبوع دراسى يتم تحديد الفقرات التى تاتى منها الامتحانات وهو ما لم يتم مع معلم تلك المادة فالرجل كان حديث العهد بالعمل فى المدارس الخاصة وكان معلما جادا يعتبر التعلم رسالة وبعد مرور نصف ساعة كاملة اكتشف المراقبون انه لا يوجد طالبا قد حط خطا واحدا وان كراسة الاجابة ناصعة البياض مع تبادل الطلبة للنظرات فى يأس بدا الخبر يتنقل بين المعلمين حتى قامت حاشية مدير المدرسة ومالكها بابلاغه بالامر وما ان سمع الرجل بالخبر حتى هرع الرجل مسرعا يقطع الطرقات جريا حتى وصل الى احدى اللجان ليمر على الطلاب ويمرر عليهم الابتسامات فوجدهم متوترين لا يكتبون شيئا فقرأ الاسئلة من احدى الورقات حتى اسرع خارج الفصل واصدر تعليماته بتمديد وقت الاجابة ساعة اضافية واستدعى المعلم الذى وضع الاسئلة وسأله بشىء من القسوة:
-أستاذ حضرتك بلغت الطلبة بالاسئلة اللى هتيجى بالامتحان؟
- لا طبعا.
- ليه؟
- يبقى ايه فايدة الامتحان؟!
فقال المدير:
-والامتحان صعب جدا.
-ده فى مستوى الطالب اقل من المتوسط.
فقال المدير بعد ان فرغ صبره:
-شوف يا استاذ التعليم فو رأسى بس المدرسة دى هدفها عندى بالاساس ربحى زى اى مشروع وانا صاحب رأس المال فنعمل الامتحان سهل ونعرف الطلبة به قبلها الاولاد ينجحوا اهلهم يفرحوا نسبة النجاح فى المدرسة 100% تيجى تلاميذ تانية انا اكسب فلوس اكتر اصرفلكم مرتبات كبيرة ونبقى كلنا مبسوطين والعجلة تمشى بالطريقة دى.
فقال المعلم باصرار:
-انا اسف انا مش هقدر اشتغل بالطريقة دى حتى لو بأخد عندك مرتب كبير جدا.
- حقك يا استاذ وانا بحترم النا س اللى عندها مبدأ زيك وانا كمان عندى مبدأ ان المكسب الاول وبالتالى انا بشكرك على الفترة اللى قضيتها معانا ومرتب الشهر ده حضرتك تقدر تصرفه من الحسابات بالاضافة لمرتب شكر كمان مكافاة مع السلامة يا استاذ.
فخرج المدرس من الفصل، ليأمر المدير احد المدرسين بكتابة الاجابات على الصبورة للطلبة مع اخبارهم بان ذلك يتم دون علم المدرسة وما هى الا دقائق حتى كانت الاجابات مكتوبة للطلبة ينقلونها وهم سعداء.
.................................................................................................
لا أحد يسعى لتعليم جيد ، الكل يسعى لدرجات جيدة (لى رودولف)
..............................................................................................
-3-
فى احدى المدارس الدولية
فى الفصل جلس الطلبة يتحدثون الى بعض بالانجليزية كعادتهم وكما امرتهم المدرسة ويتنافشون مع المعلم وبالرغم من ان اسلوب التعليم يعتمد على الابداع وليس الحفظ الا ان المعلم قد شعر بالضجر بسبب شعوره بان الطلبة مدللين وقد استطاع ان يتماسك ويحافظ على اعصابه حتى انتهاء الحصة فتوجه الى حجرة المعلمين ينقل همه الى زميله الذى ضحك وقال له ببساطة:
-كبر دماغك كل ما تفقد اعصابك افتكر المرتب الكبير اللى بتاخده والفصل الفاضى عيال متدلعة عادى حقهم بمكانة اهاليهم ونفوذهم وفلوسهم انا فى الاول كنت كده بس اتعودت.
- واهلهم ليه موافقين على كده؟
- تربية اجنبى يا سيدى تعليم كويس بس بطريقة الخواجات انت ساعات بتلاقى الابن او البنت بتنفعل على والدها او والدتها وبعدين هما بياخدوا اللغة والشهادة ولما بيكبروا بيتعينوا فى اكبر الاماكن او يشتغلوا فى اكبر الشركات لو مشتغلوش فى شركات اهلهم مش بس بفلوس ونفوذ اهلهم لا كمان بالتعليم الغالى اللى اتدفع فيهم ده استثمار فى الطفل
تمت
.................................................................................................
أعلنت وزارة التربية والتعليم صعود مصر في مؤشرات التعليم بتقارير التنافسية الدولية في عام 2016/2017، لتحصل على المرتبة رقم 134 من إجمالي 139 دولة في مؤشر جودة التعليم الابتدائى على مستوى العالم.
على موقع اليوم السابع بتاريخ  3 /1/ 2017
.................................................................................................
من المقرر تعديل العمل بنظام التعليم فى مصر والاتجاه للتعريب مع استثناء المدارس الخاصة للغات والمدارس الدولية فى قرار يشتمل على كثير من الجدل خاصة مع الغاء المدارس التجريبية الحكومية





السبت، 31 مارس 2018

الفجوة

الفجوة
بعد ان تأنق (كريم) وضع مثبت الشعر على راسه وتطلع الى نفسه فى المراه فنظر الى قامته التى تميل الى الطول وبشرته الاقرب الى البيضاء فكان شكله مقبول فهو ليس بالمنفر او الجذاب وتحسس شعره فتسلل الرضا عن مظهره الى نفسه وانطلق من منزله الى موقف (امبابة) ليستقل احدى سيارات الاجرة المتجهة الى جامعة القاهرة وعبر بوابة الجامعة الى كلية التجارة عدد من اصدقائه ليبدأ بعدها عدد من الاصدقاء فى التوافد نحوهم لتبدأ الثقة او الرضا الذى تسلل الى (كريم) من قبل فى الاهتزاز مع وجود شعور بالترقب فكانت عيناه لا تتوقفان عن الالتفات والبحث يمينا ويسارا بحثا عن (ليلى) صديقته بالكلية الفتاة التى يحبها منذ ان راها لاول مرة من سنتين ولكنه لم يستطع ان يصارحها بذلك الحب خاصة وانه من اسرة تنتمى للطبقة المتوسطة ويدرك ان من اهم سمات تلك الطبقة عدم القدرة على تحقيق العديد من الاهداف فى وقت واحد فهو الان فى المرحلة الجامعية وان قدرة اسرته فى تلك المرحلة هى ان يستكمل تعليمه اما مساعدته على الارتباط فهو امر مستحيل فى الوقت الحالى فاسرته تنتظر منه ان يتخرج من جامعته ليعمل وبالتالى يسقط حمله من على  عاتقهم ليستطيعوا ان يكملوا مهمتهم مع اشقائه الاصغر منه ليبلغوا نفس مرحلته وبعدها قد يستطيعوا مساعدته فالزواج بالنسبة له امر يحتاج عشر سنوات بعد التخرج ليتمكن خلال تلك الفترة من الادخار ولتتفرغ اسرته لمساعدته هو يعلم ذلك ولكنه لا يستطيع ان يحكم على قلبه ان يتوقف عن حب (ليلى) وقد زاد من ارتباكه وتصميمه على عدم مصارحتها بحبه هى انها تنتمى لطبقة اجتماعية اكبر وبالتالى فهو يدرك ان مصارحتها بحبه سيترتب عليه رفض ذلك الحب والابتعاد عنه كصديق ايضا بالاضافة لمعرفة كل صديقاتها بحب الفتى الولهان للفتاة ابنة الاكابر وبالتالى سيعلم الاصدقاء من الفتيات بذلك الامر ايضا فأدرك ان الحكمة تقتضى الانتظار اما ان تحدث معجزة حتى موعد التخرج او ان يلقى بحبه او -قنبلته- لها فور التخرج، ظهرت امامه (ليلى) لتخرجه من افكاره فتطلع اليها مفتونا بخفتها فكانت مقبلة باسمة الثغر تلوح بيديها للاصدقاء فى مرح طفولى
ونظر الى عينيها السودواتان التى تكاد تضحك وانفها الصغير وقدمها المتوسط الذى قد يصل الى كتفه وشعرها الفاحم الناعم المسترسل على كتفيها، فوصلت الى الاصدقاء لتعانق الفتيات وتصافح الفتيان ليأخذ (كريم) دوره ليصافحها ليشعر بتسارع ضربات قلبه بينما تحول كفه الى قطعة من الثلج فقال (كريم) لنفسه:
-تبا انا احبك يا (ليلى).
فنظرت (ليلى) الى ساعتها وقالت:
-هيا لنحلق بالمحاضرة.
فقال (كريم) بحماس:
-نعم ان محاضرة اليوم فى غاية الاهمية.
لقد اعتاد الا يتحدث فى نقاش يدخل فيها الاصدقاء الا فى النقاش الذى تدلى فيه (ليلى) برأيها فيندفع فى ذلك النقاش محاولا فى معظم الاوقات ان يؤيد رأيها ليتقرب منها اكثر وقد دأب على الخروج مع اصدقائه طالما استطاع بسبب ظروفه المادية التى لا تجاريهم فى اغلب الاوقات فكان يعتذر عند سماعه لاسعار المطاعم التى سيذهبون اليها متعللا باى كذبة وبالرغم لمعرفته بالفارق كبير بين مستواه الاجتماعى والمستوى الاجتماعى لحبيبته ولكن المراهق الذى بداخله كان يقنعه باحتمالية تحقق المعجزة مثل التى تحدث فى الافلام العربية القديمة ودائما ما كان يحب ان يسمع من يقول ان الزواج هو نصيب كتبه الله للانسان مهما تباعدت المسافات بين الاشخاص وقد كانت احلام اليقظة له هى المتعة الحقيقية فى حياته فينتظر ان يخلو الى نفسه حتى تبدأ الخيالات فيحلم احيانا بانها تهيم به وتصارحها بحبه وفى تارة يحلم بانه ينقذها من خطر كبير فتذوب فى عشقه وتارة اخرى يحلم برفض اهلها له ولكنها تتمسك به، وقد كان حبها دافعا له للاجتهاد والتفوق حتى يتخرج وتكون له فرصة للارتباط ومرت السنة الاخيرة وقد تخرجا وفى حفلة التخرج ارتدى بدلته الجديدة وانتهز فرصة تواجدهما بمفردهما وقد تسارعت دقات قلبه واستجمع شجاعته وقال لها فى حرارة:
-(ليلى) انا بحبك.
صمتت (ليلى) وقد صعقت من المفاجاة فتمالكت نفسها بصعوبة وتصنعت ابتسامة وقالت:
-انا احترم مشاعرك جدا يا (كريم) واقدرها ولكنى مرتبطة بشخص اخر.
دارت الارض من حوله وشعر بالمرارة ممزوجة بالاحراج وقال بصوت مكسور:
-انا اسف.
فشجعته الاخيرة قائلة:
-لا تعتذر لايوجد مشكلة وسنظل اخوة واصدقاء كما اعتدنا.
 فوضعت يدها على يده فشعر كتيار كهربائى قد مسه وقالت:
-فلنذهب الى باقى الاصدقاء.
فأنزوى عن الجميع وحاول ان يهرب من النظر الى وجهها حتى انصرف الى منزله ليشعر بمرارة واسى وبعد عدة اشهر علم ان (ليلى) قد تم خطبتها الى وكيل نيابة فشاهد صور حفل خطوبتها عبر الفيسبوك وقد بدت اميرة من اميرات الحكايات كما كان خطيبها شابا وسيما ذو جسد ممشوق يبدو عليه الثراء فزادت تلك الصور من احزانه السابقة وجلس بمفرده فى المنزل احد الايام وقام لنفسه:
-هى تحب ان تستمع الى (كاظم الساهر).
فقام بتشغيل اغنية (انا وليلى) ونظر الى المراه وقال بصوت مرتفع:
-احمق وغبى فى ماذا كنت تفكر؟ ان تحبك لماذا؟ ما المميز فيك ايها الغبى الاحمق هل كانت تحبك ؟ لا ، كل انت وسيم؟ لا.
فسمع الاغنية قد وصلت الى المقطع الذى يقول (لو كنت ذا ترف ما كنتى رافضة حبى ولكن عسر الحال فقر الحال ضعف الحال مأساتى)، فبدات دموع (كريم) تتساقط من عينيه ليقول:
-وطبعا لست بصاحب منصب او غنى  لتوافق عليك كما ان اهلك لم يقصروا فى حقك فالله وحده اعلم ماذا فعلوا لكى تكمل دراستك وهم ليسوا مطالبين بأكثر من ذلك.
فأكمل (كريم) وقد ازدادت دموعه:
-هناك فرق كبير بين (امبابة) وشارع جامعة الدول العربية هل كنت تظن ان يضع والدها الطبيب المشهور فى يد والدك الموظف المكافح او ان تجلس والدتك لتفاصل والدتها فى من سيتحمل غرفة المعيشة ومن سيتحمل غرفة النوم هل رايت الفتى الذى خطبها هذا الفتى هو الاجدر بها من كافة النواحى هذا الفتى من سيجعل منها اميرة ليقول لها يا هانم، انا كنت اعلم ولكنى كنت اهرب من تلك الحقيقة ان المستقبل يبدو واضحا لى ولها ، فالمستقبل لها انها ستتزوج من ذلك الشاب بعد سنة على الاكثر وستنجب اطفالا جميلة سيكبرون ويصبحون ابناء سعادة البيه وسيدخلون مدارس اجنبية ويتخرجون منها ولن يتعبوا فى ان يجدوا الوظيفة او الزيجات فتلك المسألة محسومة اما مستقبلى فانى سأعمل واعمل واتحمل التعب والاهانة من اجل لقمة العيش اعمل فى وظيفة كبيرة ولن استطيع ان اسخط او اثور او يدفعنى السخط والذل ان اعمل فى امر محرم او مخالف للقانون بسبب التربية التى نشات عليها والتى تقوم على الخوف من الله الخوف من القانون والحكومة وسأنتظر اعواما لأتزوج احد الفتيات التى مضى العمر بهن مثلى وهن كثيرات مثل كثيرين منى وسأقنع نفسى انى احبها وهى ستقنع نفسها بانها تحبنى لانها فرصها وفرصى فى الزواج قليلة وسنكافح بشدة حتى يسير البيت بصعوبة وسننجب اطفالا يشبهوننا وسنقنع نفسنا باننا نلقنهم تعليما جيدا وسيتخرجون من مدارسهم وسيعانون لكى يعملوا وسيعانون اكثر ليتزوجوا وسيتم جرحهم لانهم لن يستطيعوا ان يتزوجوا ممن يحبونهم وتدور دائرة الحياة.
فمسح دموعه ونظر الى المراه وقال:
-هذه هى الحقيقة دون زيف ويجب ان اعمل على اساسها من الان.

تمت

الاثنين، 19 فبراير 2018

مفيش فايدة



مفيش فايدة
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا قبل ان يخرج من منزله ليتجه الى الاختبار الخاص بالتعيينات الحكومية فى احدى الوزارات فبعد ان سحب الاوراق ودفع مائة وخمسون جنيها ثمن الاستمارة وقام باستخراج كافة الاوراق بدء من شهادة الميلاد والبالغ ثمن استخراجها عشرة جنيهات وعمل فيش وتشبيه بمبلغ ثلاثون جنيها وصورة من شهادة تخرجه فى الجامعة بمبلغ خمسون جنيها وارسلهم عن طريق خطاب مسجل بعلم الوصول قبل ان يتم تحديد موعد المقابلة الشخصية مثل الالاف مثله ليتحدد اذا ما كان سيتم تعيينه، استعاد كل ذلك ليتجه الى (اسلام) صديق عمره وزميل الكفاح فى البطالة، ليجده قد تأنق ايضا ممنيا نفسه فى التعيين الحكومى فتصافح الاثنان قبل ان يقول (جمال):
-ياسلام لو احنا الاثنين نتعين يبقى عدينا.
فقال (اسلام) فى شك:
-بس بيقولوا انهم عاملين التعيينات والاوراق علشان الحكومة تلم فلوس الاوراق اللى عملناها والاستمارات اللى باعوها وان فيه ناس متعينة بالفلوس والواسطة قبل ما يعملوا الاعلانات.
- يا بنى متصدقش الكلام ده ده رئيس الوزراء طالع بنفسه يقول لا للواسطة او المحسوبية.
فقال (اسلام) مترددا:
-بس هنشتغل موظفين فى الحكومة نقعد على مكتب من الساعة 8 الصبح ونروح الساعة 2 دى حاجة تقتل اى ابداع.
- يابنى هو فيه احسن من كده وبعدين اهالينا قالوا ايه من زمان (ان جالك الميرى اتمرمغ فى ترابه) بس الوظيفة تيجى.
وفى تلك الاثناء طلب احد الموظفين من المتقدمين الوقوف فى صفوف كل صف يتكون من عشرة افراد فوقف (اسلام) و(جمال) فى صف فلاحظوا وجود بعض اقرباء للمتقدمين معهم ليقول احدهم لابنه:
-متخافش يا توتو هتلاقى فى اللجنة عمو (هشام) هو الليى بيمتحنك.
وقالت اخرى لابنتها:
-خالو (عصام) كلم صاحبه اونكل (فريد) وطمنه.
فغمز (اسلام) لصديقه وقال:
-شايف اللى انا شايفه.
- متقلقش رئيس الوزراء قال مفيش واسطة التعيين بالمجهود الشخصى انت فاكر ايه.
ودخل الصف المتواجد فيه (اسلام) و (جمال) ليجدوا لجنة الامتحان مكونة من ثلاثة افراد  ليلوح الثمانية الاخرين مع (اسلام) و(جمال) الى اعضاء لجنة الامتحان ليبادلهم اعضاء اللجنة وقال العضو الموجود فى الوسط:
-حرصا مننا على الشفافية فى الامتحان ومراعاة لله ولاراحة ضمائرنا سيتم سؤال كل فرد منكم سؤال واحد فى المعلومات العامة ومن يجاوب سيتم تعيينه فى الوظيفة.
وبدأ بسؤال (توتو) اول المتواجد فى الصف قائلا:
-من المدير الفنى المصرى الذى فاز بثلاثة القاب للامم الافريقية واول اسمه (حسن)؟
- (حسن شحاتة).
فصفق اعضاء لجان التعيين قبل ان يقول المدير:
-برافو يا (توتو) مبروك الوظيفة.
وانتقل للفتاة التالية وسألها:
-ما هى عاصمة (مصر)؟
فترددت الفتاة قبل ان تجيب:
- (الكاهرة).
تغاضى اعضاء اللجنة عن نطق القاهرة بالكاف وصفقوا لها فقال (جمال) لصديقه بسعادة:
-الاسئلة سهلة اوى شكلنا هنتعين.
وظلت الاسئلة السهلة تنهال على المتقدمين للوظيفة من اصحاب المعارف حتى وصل الى (اسلام) وسأله مدير اللجنة بدهشة:
-انت مين؟
- واحد من المتقدمين.
- تبع مين يعنى؟
- مش تبع حد.
- مش تبع حد طيب جاوب على السؤال ده: أذكر اسم اول شهيد مصرى فى حرب تحرير مصر ضد الهكسوس.
- نعم؟
- ايه مش عارف الاجابة.
- اجابة ايه؟
- هخلاص نروح للى بعدك انتعه برضه مش تبع حد؟
- اه.
- جاوب على السؤال ده:من مخترع حبل الغسيل؟
فأرتسم على وجه (اسلام) علامة التعجب فصرفهم مدير اللجنة فخرج الصديقان ينهالان بالسباب والدعاء على مدير اللجنة حتى جده السابع عشر قبل ان يقول (اسلام):
-وتقولى ان رئيس الوزراء قال مفيش واسطة، المهم ان (توتو) و (سوسو) اتعينوا.
- مش مهم زى انت ما قلت نسيبنا من شغل الحكومة خلينا فى القطاع الخاص.
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا قبل ان يخرج من منزله مع صديقه (اسلام) واتجهوا الى محل لبيع الملابس ليتسلموا عملهم فيه وبداوا فى العمل وعلموا ان طريقة العمل تبدأ بالذهاب مبكرا بتنظيف المحل ومسحه وحمل البضاعة الموردة من المخزن للمحل والبيع للعملاء وحمل الملابس المباعة للعملاء وفى بعض الاحيان الجلوس على الكاشير للحساب واستمروا للعمل فترة على تلك الوتيرة قبل ان يقول (اسلام) لصديقه فى احد الايام:
-احنا مش بنتقدم كل شهر هما هما ال1800 جنيه اللى بناخدهم بنصرف 400 جنيه مواصلات غير الاكل وعشر ساعات شغل ويوم واحد اجازة، وبنعمل كل حاجة فى المحل بنشيل بضاعة ونرصها ونعرضها ونكنس ونمسح ونبيع للعملاء، انا حاسس انه صاحب المحل بيموتنا بالمرتب ده.
فجاء صاحب المحل وسألهم:
-مفيش زبائن فى المحل؟
- لا.
- طيب نضفوا المحل.
- لسه منضفينه.
- طيب دخلوا البضاعة الجديدة.
- دخلناها كلها.
- امسحوا الواجهة.
- مسحناها.
- يعنى مفيش حاجة تعملوها.
- عملنا كل حاجة.
- انزلوا اعملوا عشر عدات ضغط.
فنظر الاثنان لبعضهما وبداوا فى عمل تمرينات الضغط مع شعورهم بانهم سيصابوا بالضغط،
وقرروا بعدها ترك العمل لدى المحل فقال (جمال) لصديقه:
-اللى هيخرجنا من كل ده اننا نفتح مشروع.
- تفتكر؟
- اه بالفلوس اللى حوشناها من الشغل نفتح مشروع.
- مشروع ايه؟
- الحاجة الوحيدة اللى مش بتخسر فى بلدنا الاكل.
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا قبل ان يخرج من منزله ليتجه مع زميله (اسلام) الى عربة الكبده التى قاما بافتتاحها اصبحت فى خلال يومين الوجبة الرئيسية للعاملين واصبح لها رواد دائمين وبدأت تدر عليهما دخلا كبيرا ولكن قام احد المحلات الشهيرة بما لها من نفوذ بدفع السلطات المحلية فى الحى الراقى باحتجاز العربة بعد ان تسببت تلك العربة فى عزوف الزبائن عن ذلك المحل باسعاره الكبيرة والشراء من العربة وقد بررت السلطات المحلية فى ذلك الحى بعدم جواز وجود تلك العربة فى الحى الراقى لانه يخالف الشكل العام فتسلم (جمال) و(اسلام) العربة بعد ان دفعوا مبلغ غرامة كبير مع وعد بعدم فتح تلك العربة فى الحى الراقى فقال (جمال) لصديقه:
-الفكرة حلوة بس التنفيذ هو اللى غلط.
- ازاى؟
- فكرة العربية صح وكسبت بس احنا نفتح فى مكان شعبى.
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا ونزل الى عربته بعد ان افتتحها فى منطقة شعبية وبعد يومين بدات العربة فى تحقيق الارباح ولكن البلدية لم تترك العربة فى حالها وقاموا باحتجازها ولما ذهب (جمال) و(اسلام) الى مكان احتجاز السيارة قال لهم احد الاشخاص هناك:
-طبعا خالفتم القانون فين تصريح وزارة الصحة؟ نعرف منين ان الاكل ده مش مسمم، فين تصريح الحى؟ فين تصريح البترول والاثار؟
فتسائل (اسلام) بدهشة:
- بترول واثار؟!
- اه مش ممكن الرصيف اللى انتوا واقفين عليه ده فيه تحته بترول او اثار ، عاوزين تضيعوا ثروات بلدنا الحبيبة.
بنشاط مفعم بالياس والاحباط أرتدى (جمال) ملابسه وتهبب جيدا وتوجه الى صديقه (اسلام) وذهبا معا وقررا الانتحار بالقاء نفسهم بالمياه من فوق احد الكبارى ولكن بعض الصيادين استطاعوا انقاذهم فى اللحظات الاخيرة وتم توجيه لهم تهمة تلويث المياه.
تمت