السبت، 23 يونيو 2018

فى الطابور

فى الطابور
وقف الاستاذ (فؤاد) فى طابور طويل بأحد المصالح الحكومية ينتظر دوره لانهاء عدد من المصالح الخاصة به وخلفه فى الطابور وقف الشاب (أمير) ينتظر دوره وكعادة المصريين فى تلك المواقف بدأ التعارف بينهم عن طريق دعابة متعلقة بالطابور ثم يتم التعارف بينهم ويبدأ سرد تاريخ حياتهم وسرعان ما ينضم شخص ثان وثالث ورابع الى الحديث وبعد ساعتين هون كل من فى الطابور على الاخر انتظاره حتى وصل الاستاذ (فؤاد) الى الموظف المختص فنظر الموظف الى الاستاذ (فؤاد) بكراهية دون سابق معرفة ونفخ فى الهواء قبل ان ينظر الى الاوراق وتألقت عينا الموظف كأنه عثر على كنز واعاد الاوراق الى الاستاذ (فؤاد) وقال:
-ورقك مش كامل محتاجين وصل كهرباء ، اتفضل.
فخرج الاستاذ (فؤاد) ليدخل مكانه (أمير) فنظر الموظف له بنفس نظرة الكراهية دون سابق معرفة ايضا وتطلع الى الاوراق ولمعت عيناه ايضا وقال والفرحة تتطاير من فمه:
-ورقك مش كامل محتاجين شهادة قيد عائلى.
وانصرف (أمير) من الطابور وبعد ثلاثة أيام عاد (أمير) الى المصلحة الحكومية ووقف فى الطابور وشاهد الاستاذ (فؤاد) مقبلا فأشار له مرحبا وقال :
-اتفضل يا استاذ (فؤاد).
وجعله يقف امامه وبدأ يتحدثان فى كافة الامور بدءا من الرياضة واخفاق المنتخب القومى فى كاس العالم حتى نظام التعليم فقال (أمير):
-النظام فى العالم كله بس عندنا موضوع الطوابير زيادة عن اللزوم.
فقال الاستاذ (فؤاد):
-انت عندك كام سنة يا امير؟
- 27 سنة.
- انا بقى قربت على الستين وطول عمرنا متمسكين بفكرة الطابور زى ما بتقولوا يا شباب النهاردة أسلوب حياة.
فلم يقتنع (أمير) وظهر ذلك على وجهه فضحك الاستاذ (فؤاد) وقال:
-انا بنتى عندها 25 سنة وخريجة كلية اداب قسم انجليزى برضه مش بتقتنع بالكلام ده يظهر انكم كلكم جيل دماغكم واحدة.
وفجاة برقت عينا الاستاذ (فؤاد) وجاءته فكرة غريبة فكتمها فى نفسه حين يأتى المرة القادم فى الطابور لانه يعلم ان مصلحته لن تنقضى من زيارتين فقط للمصلحة الحكومية فأحتفظ بالفكرة لنفسه بدأ فى استكمال حديثه مع (أمير) حتى أقتربا من الموظف فلم يكن امامهما الا امراة بدت فاتنة خاصة وانها قد ارتدت فستانا قصيرا
فأنتفض الموظف من مكانه وارتسمت على وجهه ابتسامة ونظرة حب دون سابق معرفة ليقول للمرأة برومانسية حاول ان يقلد فيها (عبد الحليم حافظ):
-يا أفندم مش تقولى ان حضرتك واقفة فى الطابور كنا مشينا حضرتك على طول.
فأبتسمت المرأة فى دلال وقالت:
-ميرسى، انا كنت عايزة اخلص الورق بتاعى ممكن تشوف كده ورقى كامل؟
- يا افندم لو مش كامل يكمل.
فأطلقت ضحكة مدروسة وقالت:
-انت جانتى خالص.
تصبب العرف على وجه الموظف وتطلع الى الاوراق بارتباك وقال:
-هو الورق مش كامل بس دى شكليات، ممكن البطاقة؟
فقال بأسف:
-انا نسيتها فى البيت كده مش هينفع الورق يخلص؟
- يا افندم احنا واثقين فى حضرتك وبعدين لازم منعطلش مصلحة الجمهور ونبطل بيروقراطية ونعمل زى بقية دول العالم.
فزادت حماسته وشعر بانه يريد ان يكمل خطبته وقال بورع وتقوى:
-وبعدين ربنا هيحاسبنا على انجاز مصلحة الناس.
فمنحته ابتسامة ليكمل عمله وانهى ورقها لتنصرف بعد ان شكرته وقد شاهد الاستاذ (فؤاد) و(أمير) كل هذا فقال الاستاذ (فؤاد):
-يا مسهل الحال.
وأقترب الاستاذ (فؤاد) من الموظف بعد انصراف فرفع الموظف بصره الى الاستاذ (فؤاد) وقال فى ضيق:
-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.
فأعطاه الاستاذ (فؤاد) الاوراق وقال:
-انا جبت وصل الكهرباء.
فتطلع الموظف الى الاوراق وقال:
-ختم النسر بتاع المصلحة الحكومية بتاعتك مش باين لازم يبان.
فقال الاستاذ (فؤاد):
-طيب فين يا عم الثقة اللى بين الشعب اللى كنت بتتكلم عليها من شوية وانجاز مصلحة الناس وربنا هيحاسبك عليها.
فقال الموظف:
-علشان كده لازم ادقق (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
فخرج الاستاذ (فؤاد) من الطابور ودخل مكانه (أمير) لينظر له الموظف بنفس نظرات الكراهية وبنفس الدون سابق معرفة وتطلع الى الاوراق وقال:
-ناقص تجيب صورة من جواز السفر.
فتسائل (أمير) بغضب :
-هو حضرتك مش بتقول الحاجات الناقصة ليه كلها مرة واحدة وبعدين الحاجات دى مش مكتوبة فى قائمة الاوراق المطلوبة.
- يا استاذ هى دى اللوائح ومتعطلش مصلحة الناس.
- انا اللى معطلش مصلحة الناس.
فانصرف الاثنان وعادوا بعد عدة ايام باتفاق على يوم محدد وفى ذلك اليوم جاء الاستاذ (فؤاد) ومعه ابنته (رانيا) فى الطابور وقد تأنقت وبدات تتكلم كالفراشات الحالمات ليبدا (أمير) فى الاعجاب بها وبينما هم واقفين منتظرين دورهم شاهدوا الاستاذ (عبد الحميد) احد اصدقاء الطابور ليصافحوه ليسأله الاستاذ (فؤاد):
-ايه اللى جابك يا استاذ (عبد الحميد) انت مش الحمد لله خلصت وررقك.
- والله وحشتونى ووحشتنى وقفة الطابور معاكم قلت اجى ازوركم.
فقال (أمير):
-فيك الخير والله يا استاذ (عبد الحميد).
وكالعادة لم يكملوا مهمتهم فى ذلك اليوم وعادوا فى يوم اخر ولكن جاء (أمير) بأسرته فى الطابور ومعه خاتم خطوبة وكذلك جاء الاستاذ (فؤاد) بأسرته الى الطابور وقام (أمير) بتقديم خاتم الخطوبة الى (رانيا) ابنه الاستاذ (فؤاد) وتم الاحتفال بالخطوبة فى الطابور وفى ذلك اليوم استطاعوا ان ينهوا الاجراءات الخاصة بهم وقاموا بتشغيل عدد من الاغانى الوطنية احتفالا بانتهاء رحلتهم ووقفتهم فى الطابور.

تمت