الاثنين، 19 فبراير 2018

مفيش فايدة



مفيش فايدة
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا قبل ان يخرج من منزله ليتجه الى الاختبار الخاص بالتعيينات الحكومية فى احدى الوزارات فبعد ان سحب الاوراق ودفع مائة وخمسون جنيها ثمن الاستمارة وقام باستخراج كافة الاوراق بدء من شهادة الميلاد والبالغ ثمن استخراجها عشرة جنيهات وعمل فيش وتشبيه بمبلغ ثلاثون جنيها وصورة من شهادة تخرجه فى الجامعة بمبلغ خمسون جنيها وارسلهم عن طريق خطاب مسجل بعلم الوصول قبل ان يتم تحديد موعد المقابلة الشخصية مثل الالاف مثله ليتحدد اذا ما كان سيتم تعيينه، استعاد كل ذلك ليتجه الى (اسلام) صديق عمره وزميل الكفاح فى البطالة، ليجده قد تأنق ايضا ممنيا نفسه فى التعيين الحكومى فتصافح الاثنان قبل ان يقول (جمال):
-ياسلام لو احنا الاثنين نتعين يبقى عدينا.
فقال (اسلام) فى شك:
-بس بيقولوا انهم عاملين التعيينات والاوراق علشان الحكومة تلم فلوس الاوراق اللى عملناها والاستمارات اللى باعوها وان فيه ناس متعينة بالفلوس والواسطة قبل ما يعملوا الاعلانات.
- يا بنى متصدقش الكلام ده ده رئيس الوزراء طالع بنفسه يقول لا للواسطة او المحسوبية.
فقال (اسلام) مترددا:
-بس هنشتغل موظفين فى الحكومة نقعد على مكتب من الساعة 8 الصبح ونروح الساعة 2 دى حاجة تقتل اى ابداع.
- يابنى هو فيه احسن من كده وبعدين اهالينا قالوا ايه من زمان (ان جالك الميرى اتمرمغ فى ترابه) بس الوظيفة تيجى.
وفى تلك الاثناء طلب احد الموظفين من المتقدمين الوقوف فى صفوف كل صف يتكون من عشرة افراد فوقف (اسلام) و(جمال) فى صف فلاحظوا وجود بعض اقرباء للمتقدمين معهم ليقول احدهم لابنه:
-متخافش يا توتو هتلاقى فى اللجنة عمو (هشام) هو الليى بيمتحنك.
وقالت اخرى لابنتها:
-خالو (عصام) كلم صاحبه اونكل (فريد) وطمنه.
فغمز (اسلام) لصديقه وقال:
-شايف اللى انا شايفه.
- متقلقش رئيس الوزراء قال مفيش واسطة التعيين بالمجهود الشخصى انت فاكر ايه.
ودخل الصف المتواجد فيه (اسلام) و (جمال) ليجدوا لجنة الامتحان مكونة من ثلاثة افراد  ليلوح الثمانية الاخرين مع (اسلام) و(جمال) الى اعضاء لجنة الامتحان ليبادلهم اعضاء اللجنة وقال العضو الموجود فى الوسط:
-حرصا مننا على الشفافية فى الامتحان ومراعاة لله ولاراحة ضمائرنا سيتم سؤال كل فرد منكم سؤال واحد فى المعلومات العامة ومن يجاوب سيتم تعيينه فى الوظيفة.
وبدأ بسؤال (توتو) اول المتواجد فى الصف قائلا:
-من المدير الفنى المصرى الذى فاز بثلاثة القاب للامم الافريقية واول اسمه (حسن)؟
- (حسن شحاتة).
فصفق اعضاء لجان التعيين قبل ان يقول المدير:
-برافو يا (توتو) مبروك الوظيفة.
وانتقل للفتاة التالية وسألها:
-ما هى عاصمة (مصر)؟
فترددت الفتاة قبل ان تجيب:
- (الكاهرة).
تغاضى اعضاء اللجنة عن نطق القاهرة بالكاف وصفقوا لها فقال (جمال) لصديقه بسعادة:
-الاسئلة سهلة اوى شكلنا هنتعين.
وظلت الاسئلة السهلة تنهال على المتقدمين للوظيفة من اصحاب المعارف حتى وصل الى (اسلام) وسأله مدير اللجنة بدهشة:
-انت مين؟
- واحد من المتقدمين.
- تبع مين يعنى؟
- مش تبع حد.
- مش تبع حد طيب جاوب على السؤال ده: أذكر اسم اول شهيد مصرى فى حرب تحرير مصر ضد الهكسوس.
- نعم؟
- ايه مش عارف الاجابة.
- اجابة ايه؟
- هخلاص نروح للى بعدك انتعه برضه مش تبع حد؟
- اه.
- جاوب على السؤال ده:من مخترع حبل الغسيل؟
فأرتسم على وجه (اسلام) علامة التعجب فصرفهم مدير اللجنة فخرج الصديقان ينهالان بالسباب والدعاء على مدير اللجنة حتى جده السابع عشر قبل ان يقول (اسلام):
-وتقولى ان رئيس الوزراء قال مفيش واسطة، المهم ان (توتو) و (سوسو) اتعينوا.
- مش مهم زى انت ما قلت نسيبنا من شغل الحكومة خلينا فى القطاع الخاص.
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا قبل ان يخرج من منزله مع صديقه (اسلام) واتجهوا الى محل لبيع الملابس ليتسلموا عملهم فيه وبداوا فى العمل وعلموا ان طريقة العمل تبدأ بالذهاب مبكرا بتنظيف المحل ومسحه وحمل البضاعة الموردة من المخزن للمحل والبيع للعملاء وحمل الملابس المباعة للعملاء وفى بعض الاحيان الجلوس على الكاشير للحساب واستمروا للعمل فترة على تلك الوتيرة قبل ان يقول (اسلام) لصديقه فى احد الايام:
-احنا مش بنتقدم كل شهر هما هما ال1800 جنيه اللى بناخدهم بنصرف 400 جنيه مواصلات غير الاكل وعشر ساعات شغل ويوم واحد اجازة، وبنعمل كل حاجة فى المحل بنشيل بضاعة ونرصها ونعرضها ونكنس ونمسح ونبيع للعملاء، انا حاسس انه صاحب المحل بيموتنا بالمرتب ده.
فجاء صاحب المحل وسألهم:
-مفيش زبائن فى المحل؟
- لا.
- طيب نضفوا المحل.
- لسه منضفينه.
- طيب دخلوا البضاعة الجديدة.
- دخلناها كلها.
- امسحوا الواجهة.
- مسحناها.
- يعنى مفيش حاجة تعملوها.
- عملنا كل حاجة.
- انزلوا اعملوا عشر عدات ضغط.
فنظر الاثنان لبعضهما وبداوا فى عمل تمرينات الضغط مع شعورهم بانهم سيصابوا بالضغط،
وقرروا بعدها ترك العمل لدى المحل فقال (جمال) لصديقه:
-اللى هيخرجنا من كل ده اننا نفتح مشروع.
- تفتكر؟
- اه بالفلوس اللى حوشناها من الشغل نفتح مشروع.
- مشروع ايه؟
- الحاجة الوحيدة اللى مش بتخسر فى بلدنا الاكل.
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا قبل ان يخرج من منزله ليتجه مع زميله (اسلام) الى عربة الكبده التى قاما بافتتاحها اصبحت فى خلال يومين الوجبة الرئيسية للعاملين واصبح لها رواد دائمين وبدأت تدر عليهما دخلا كبيرا ولكن قام احد المحلات الشهيرة بما لها من نفوذ بدفع السلطات المحلية فى الحى الراقى باحتجاز العربة بعد ان تسببت تلك العربة فى عزوف الزبائن عن ذلك المحل باسعاره الكبيرة والشراء من العربة وقد بررت السلطات المحلية فى ذلك الحى بعدم جواز وجود تلك العربة فى الحى الراقى لانه يخالف الشكل العام فتسلم (جمال) و(اسلام) العربة بعد ان دفعوا مبلغ غرامة كبير مع وعد بعدم فتح تلك العربة فى الحى الراقى فقال (جمال) لصديقه:
-الفكرة حلوة بس التنفيذ هو اللى غلط.
- ازاى؟
- فكرة العربية صح وكسبت بس احنا نفتح فى مكان شعبى.
بنشاط مفعم بالامال أرتدى (جمال) ملابسه وتأنق جيدا ونزل الى عربته بعد ان افتتحها فى منطقة شعبية وبعد يومين بدات العربة فى تحقيق الارباح ولكن البلدية لم تترك العربة فى حالها وقاموا باحتجازها ولما ذهب (جمال) و(اسلام) الى مكان احتجاز السيارة قال لهم احد الاشخاص هناك:
-طبعا خالفتم القانون فين تصريح وزارة الصحة؟ نعرف منين ان الاكل ده مش مسمم، فين تصريح الحى؟ فين تصريح البترول والاثار؟
فتسائل (اسلام) بدهشة:
- بترول واثار؟!
- اه مش ممكن الرصيف اللى انتوا واقفين عليه ده فيه تحته بترول او اثار ، عاوزين تضيعوا ثروات بلدنا الحبيبة.
بنشاط مفعم بالياس والاحباط أرتدى (جمال) ملابسه وتهبب جيدا وتوجه الى صديقه (اسلام) وذهبا معا وقررا الانتحار بالقاء نفسهم بالمياه من فوق احد الكبارى ولكن بعض الصيادين استطاعوا انقاذهم فى اللحظات الاخيرة وتم توجيه لهم تهمة تلويث المياه.
تمت