الخميس، 30 أبريل 2015

طومان باى...والايام الاخيرة



طومان باى...والايام الاخيرة
العام:1517م
سادت همهمات عالية بين الحاضرين من امراء المماليك فى قصر السلطان قبل ان يكستهم السلطان (طومان باى) باشارة من يده ليشير الى احد الاتباع ليسمح له بالكلام ليقول:
-لقد اخطأ الامراء يا مولاى عندما قتلوا رسل (سليم الاول).
لينهض احد الامراء الجراكسة غاضبا ليقول فى حدة:
-اكنت تريدنا ان نوافق على امر (سليم الاول) وان نصبح عبيدا للعثمانيين وان نرسل لهم الخراج بعد ان قتل السلطان (الغورى)،ثم كيف نأمن لهذا الرجل وقد قتل اخوته وأبناء اخوته طمعا فى الحكم حتى قيل انه قتل والده نفسه.
قطع (طومان باى) النزاع مرة اخرى قائلا:
-لم يعد هناك مجالا لهذا الكلام ما حدث قد حدث المواجهة اتية بيننا وبين (سليم) وما وصلنى انهم اجتازوا الصحراء من الشام حتى اقتربوا من القاهرة سنخرج اليهم فى الريدانية للقتال وسنبدأ فى جمع الرجال والعتاد لمواجهة الحاسمة.
وجهز بالفعل (طومان باى) جيشه من المماليك والاهالى وبلغ جيشه تسعون الفا ووصل (سليم الاول) بجيش قوامه مائة وخمسون الفا، ليلتحم الجيشان فى الريدانية (العباسية حاليا)،وبدأ الجيش المملوكى قويا صلبا بمدافعه ولكن الجيش العثمانى استطاع ان يتفوق لعدة اسباب ابرزها خيانة بعض من رجال السلطان (طومان باى)
وتكاسلهم وفرارهم من ارض القتال والمدافع العثمانية الخفيفة وسهلة التحرك بعكس المدافع المملوكية الثقيلة جدا ولم يمنع ذلك من بطولات ظهرت فى المعركة ابرزها مقتل (سنان باشا) على يد فرقة مملوكية قوية اشترك فيها السلطان (طومان باى) بنفسه،وانتهت المعركة بانتصار العثمانيين ليدخل (سليم الاول) ابواب القاهرة،
واجتمع (طومان باى) بقواده بعد الهزيمة ليسألهم عن ارائهم فقال احدهم:
-يجب ان تهرب يا مولاى خارج (مصر) لقد انتهى الامر.
فأضاف اخر:
-لن يكون بامكاننا الانتصار عليهم ولن يكون مصيرك يا سيدى سوى القتل.
تطلع اليهم (طومان باى) وقال:
-لن اهرب من مجال الحرب.
فرد اخر:
-لن يكون هناك مجال للنصر ياسيدى خاصة بعد خيانة بعض الامراء وكشف خططنا للعثمانيين،ثم انك لم ترضى فى البداية بان تصبح سلطانا لماذا متمسك بان تكون سلطانا بعد ان اصبحت فى ايدى العثمانيين.
فأجاب (طومان باى):
-حتى الان لا اطمح فى منصب السلطان ان اقوم بذلك من اجل (مصر) فقط وسأقاوم العثمانيين من اجل (مصر) وليس لمنصب السلطان وحتى ان انتصرنا لا اريد ان اكون السلطان فلن اهرب من واجلى تجاه (مصر) وانا لا اجبر احدا على الانضمام لى ساقاومهم حتى لو كنت وحدى واعلم ان مصيرى القتل.
فقالوا جميعا:
-كلنا معك جميعا حتى النهاية.
وفى اليوم التالى قام (طومان باى) بمهاجمة قوات (سليم الاول) فى (بولاق) اما ما اثار الدهشة هو انضمام المصريين لجنود (طومان باى) ليلحقوا بالعثمانيين خسائر متلاحقة واستمرت المقاومة لمدة اربعة ايام كاملة ولكن التفوق فى العتاد رجح كفة العثمانيين خاصة بسبب البنادق التى استخدموها من فوق الماذت والتى اسقطت الكثير من جنود (طومان باى) ومن الاهالى الذين انضموا له،لم يضعف ذلك من عزم (طومان باى) بل توجه الى الصعيد وبدلا من ان يفر من هناك قام بالاتيان بالمدد حتى دخل فى حرب اخرى ب(امبابة) ولكنه هزم فيها ايضا ليذهب الى البحيرة ليطلب العون من احد الاشخاص هناك وبعد ان اظهر الرجل الود له حتى وشى به ليتم القبض عليه والذهاب به الى القاهرة ليدخل على (سليم الاول) مكبلا بالاغلال ليقول الاخير له:
-لماذا لم تهرب يا (طومان باى) عندما سنحت لك الفرصة؟
- لان اقتل محاربا خيرا لى من ان اعيش الف عاما وانا جبان.
- انا معجب بشجاعتك يا (طومان باى) حتى فى استبسالك فى القتال ولكن لماذا قتلت الوفد الذى ارسلته للصلح والرسل التى ارسلتها لك فى البداية؟
فقال (طومان باى) صادقا:
-لم افعل ذلك فقد قام عدد من المماليك بذلك دون علمى.
فشعر (سليم الاول) بصدقه فأمر الحرس بايداعه للسجن حتى يقضى فى امره فأجتمع (سليم الاول) ببعض قواته فقال لهم:
-افكر فى العفو عن (طومان باى) لشجاعته.
فقال احد الوشاة:
لكنك يا مولاى بذلك لن تامن شره ولن يستتب لك حكم (مصر) الا بقتله ولكى يصبح عبرة لكل من يفكر الخروج عن طاعتكم.
ففكر (سليم الاول) قبل ان يقول فى الجمع:
-اصدرنا امرنا باعدام (طومان باى).
وفى الثالث عشر من شهر ابريل 1517م اقتيد السلطان (طومان باى) الى باب زويلة فى حراسة 400 من الجنود وخرج الناس ليروا سلطان (مصر)لاخر قبل اعدامه، فراى السلطان (طومان باى) عند البوابة حبلا يتدلى فعلم بشنقه وتقدم نحو المشنقة بشجاعة وعدم خوف فتطلع للناس وابتسم وقال بصوت جهورى:
-فلتقراوا لى الفاتحة ثلاث مرات.
وصعد الى المشنقة وقال للجلاد:
-فلتنفذ مهمتك.
ليتم اعدام السلطان (طومان باى) بينما يردد الناس الفاتحة سرا ترحما على حياته وظلت جثته معلقة لمدة ثلاث ايام على باب زويلة قبل ان تدفن.
تمت



السبت، 11 أبريل 2015

يوم غريب



يوم غريب
جلس (محمود) فى احد المقاهى الراقية يتطلع الى ساعته فى انتظار خطيبته (ليلى)
لتصل الاخيرة بعد عشر دقائق من انتظار (محمود) ليستقبلها بابتسامة لتجلس (ليلى) وتضع شنطتها على المائدة وتسال فى لهفة:
-فكرت؟
- فكرت فى ايه؟ وبعدين مفيش حد اول ما يجى يسال كده فى حاجة اسمها ازيك عامل ايه؟ وحشتنى.
فتطلعت (ليلى) اليه ورمقته بنظرة استنكار لتقول مثل الاطفال:
- ازيك ووحشتنى واكيد بسال على الموضوع اللى قلت عليه امبارح؟
- اننا نخرج انهاردة مع زمايلك وصحباتك؟
- اه.
فنظر اليها ورفع حاجباه لاعلى تعبيرا عن الاستياء فقالت (ليلى) برجاء طفولى:
-علشان خاطرى.
فنظر اليها وتطلع الى عيناها السودوتان المليئتان بالرجاء ليخفض راسه قائلا:
-امرى لله حاضر.
فشهقت (ليلى) فرحا وصفقت بيدها لينتبه كل من فى الكافيه اليهم لتمسك بيد (محمود) وتقول:
-طب يلا بينا.
وفى طريقهما الى المكان الذى ينتظر به اصدقاء (ليلى) قالت الاخيرة:
-انت مش بتحب تخرج مع زمايلى ليه؟
- مش بلاقى نفسى معاهم وبعدين بحس ان فى منهم بيبصلى بنظرة انى مستحقش انى ابقى خطيبى.
- متحطش الكلام ده فى دماغك.
وما ان وصلا الى تجمع اصدقاء (ليلى) حتى تبادلوا السلام وعبارات المجاملة حتى قرروا الذهاب الى احدى الحدائق وما ان وصلوا الى هناك حتى تفرقوا لمدة نصف ساعة قبل ان يقترحوا الاشتراك فى لعبة مشتركة فبداوا بالعاب الكوتشينة قبل ان يقول احد الشباب مخاطبا (محمود):
-بتعرف تلعب شطرنج يا (محمود)؟
- شوية.
فقال الشاب فى لهجة تحد امام جميع الاصدقاء:
-طيب ايه رايك نجرب دور شطرنج نشوف كده مين اذكى؟
فنظر (محمود) الى خطيبته (ليلى) كانه يشهدها على وقاحة زميلها وعن سبب رفضه الخروج معهم من البداية فبادلته نظرة تحوى اعتذر قبل ان تشجعه بنظرة اخرى ليقول محمود للشاب:
-تمام نجرب دور.
ليلعبا دور شطرنج ليفوز الشاب على (محمود) ليتبادل الشاب الضحك والمصافحة مع باقى زملائه بينما ابتسم (محمود) ابتسامة حملت شعور بالحرج بسبب خسارته
 امام خطيبته فقال شاب اخر:
-ايه رايكم لو نعمل سباق بالخيل بين الشباب،فى هنا خيل بيتاجر ومكان ممكن نعمل فيه سباق؟
فتحمس الجميع بينما صمت (محمود) وخطيبته ليقول نفس الشاب فى خبث:
-الا اذا مكنتش بتعرف تركب خيل يا (محمود).
فقال (محمود) بغيظ:
-لا بعرف.
فركب الاربعة شباب الخيل واستعدوا للسباق قبل ان ينطلقوا جميعا وبدأ حصان (محمود) مهزوما فى المرتبة الاخيرة ويجرى ببطء شديد ليميل(محمود) على الحصان ويخاطبه قائلا:
-اجرى شوية شكلى بقى وحش قصاد خطيبتى.
الا ان الحصان ظل يتباطى حتى انتهى السباق و(محمود) يحتل المركز الاخير بين المتسابقين ليبداوا فى السخرية من اداء حصانه فقال احدهم له:
-انت لو كنت بتجرى على رجلك كنت هتبقى اسرع من الحصان.
بينما قال اخر:
-لما ببتغلب فى الشطرنج والخيل بتعرف تعمل ايه؟
فتلقى (محمود) سخرية زملاء واصدقاء خطيبته فى هدوء شديد بينما شعرت (ليلى)
بالحنق من زملائها بسبب سخريتهم من خطيبها وما ان انتهى زملائها من السخرية
حتى قال (محمود) لهم:
-على العموم ده كان يوم جميل وانا مبسوط انى قابلتكم بس انا اسف هضطر امشى دلوقتى علشان عايز اخرج مع خطيبتى لوحدنا.
فنظر الجميع له فى دهشة قبل ان ينظروا الى (ليلى) فى استنكار لينظر (محمود) اليها ايضا قبل ان يسألها بهدوء:
-هتيجى معايا ولا تحبى تكملى يومك هنا؟
فأجابت وراسها فى الارض:
-هأجى معاك.
فسحبها من يدها وانصرفوا ليتجول معها فى الحديقة قبل ان تقول (ليلى):
-انا اسفة على اللى حصل؟
- ولا يهمك بس بعد كده انا مش هخرج مع زمايلك تانى.
فصمتت (ليلى) ليقول (محمود) بحرج:
-انا برضه اسف.
فأندهشت (ليلى) لتسال:
-اسف على ايه؟
- انى مكسبتش لا فى الشطرنج ولا فى سباق الخيل ولا حتى فى الكوتشينة.
فضحكت (ليلى) قبل ان يكمل (محمود):
-بتهيالى كان شكلى قصادك وحش اوى.
- ليه؟
- انا عارف ان البنات بتبقى نفسها ترتبط بفارس الاحلام الشجاع البطل اللى بيعرف يعمل كل حاجة ويكسب فى اى حاجة وانهاردة انا كنت خيبة اوى.
- لو فى بنت بتفكر كده تبقى اكيد بنت لسه فى ابتدائى لان فارس الاحلام مش لازم يكون شاطر فى كل حاجة وبيكسب كل حاجة ولا اغنى واقوى راجل فى الدنيا فارس الاحلام لاى بنت بيبقى الشاب اللى البنت بتحبه وبتحس معاه بامان ومش شرط يكون لا غنى ولا فى منصب كبير المهم تكون بتحبه.
فغمزت بعيناه قبل ان تضيف:
-حتى لو كان بيتغلب فى الشطرنج وسباق الخيل.
فتشاركا الضحك قبل ان يضم يدها بيده.
تمت