الأربعاء، 15 مارس 2017

اللص



اللص
لا يحتاج المشهد الى كثير من الايضاح فذلك الشاب النحيل ذو الثمانية وعشرون عاما والذى يتسلق سور الفيلا بالتجمع الخامس بعد منتصف الليل هو (سيد) الذى ورث مهنة السرقة عن ابيه الذى ورثها بدوره عن ابيه والذى كان يدعى (زكى) فكان لصا ايضا ولكنه تميز بالوطنية فلم يكن يسرق سوى الانجليز ابان الاحتلال البريطانى لمصر فكان يسرق معسكراتهم والجنود نفسهم بالشوارع حتى انه كان يتفاخر اما زملائه بعد جلاء القوات البريطانية قائلا:
-انا السبب فى خروج الانجليز من مصر من كتر سرقتى لهم سابوا البلد وطفشوا منها.
وبعد خروج الانجليز من مصر اعتزل (زكى) السرقة ولكن بعد ان ورثها ابنه منه، فتلك العائلة متأصلة فى السرقة حتى (زكى) جد (سيد) ورث أصول المهنة ابا عن جد فشجرة العائلة تمتد لبعيد فاذا تتبعنا تلك الشجرة سنصل للجد الكبير ل(سيد) والذى كان يدعى (صلاح) فكان لصا جريئا لدرجة التهور فى السرقات ولعا ابرز سرقاته التى وصلت لحد الانتحار هو سرقته للوالى العثمانى بمصر فاثناء مرور الوالى بموكبه امام عامة الشعب اندس (صلاح) بين الجمهور ليندفع بجرأة تجاه الوالى ليقبل يده ليتدخل حرس الوالى لمنعه ولكن اشارة الوالى استوقفتهم ليمد (صلاح) يده بخفة الى جيب الوالى العثمانى ليسرق منه عشرة الاف دينار كاملة، والان سنترك (صلاح) وشأنه مع الوالى وسنترك كذلك (زكى) وحكاياته مع الانجليز وسنعود لأخر من تبقى من تلك السلالة وهو (سيد)، فدائما قصص اجداده ما كانت تثير اعجابه وتمنى ان يكون مثلهم ولكنه لم يجد ضحايا لسرقاته سوى من الطبقة الوسطى او الاقل فكم تمنى ان يكون مثل اجداده ولكن اين ضحايا سرقات اجداده فلم يعد هناك عثمانيين او ولاة والمحتل الانجليزى رحل فى 18 يونيو 1956 فوجد (سيد) ضالته اخيرا بعد قراءته لرواية (ارسين لوبين) فأثار انتباهه ان القصة بطلها لص يسرق الاغنياء ليعطى الفقراء فقرر (سيد) ان يتقمص تلك الشخصية فى جانب واحد فقط وهو سرقة (الاغنياء الاشرار) ولكنه لن يتقمص الشخصية فى الجانب فوجد ان اعطائه لما يسرقه من الاغنياء للفقراء هى حماقة مبالغ فيها وان نصيبه من السرقات هو حقه فقط ، لذا بحث على اول ضحاياه الاشرار حتى وجد ضالته فى رجل اعمال شهير كل البلد تعلم ان نشاطه الرئيسى هو تجارة المخدرات فأحكم مراقبة احدى فيلاته فى التجمع الخامس وتاكد من الايام التى تكون الفيلا فيها خالية وذهب فى اليوم المحدد ليتسلق السور كما رأينا فى مشهد البداية وفى لحظات كان (سيد) داخل الفيلا فأضاء كشاف بطاريته ليتحسس طريقه ولكنه شعر بحركة داخل الفيلا وتناهى الى مسامعه صوت قادم من بعيد فأغلق نور البطارية واسرع يختبىء فى الظلام خلف احد الكراسى الكبيرة ليجد ثلاثة رجال ذوى بنية قوية يقتربون فحبس انفاسه قبل ان يسمع احدهم يقول:
-بقولك حاسس انى سمعت صوت حركة هنا.
فقال زميله:
-مفيش حاجة تلاقى بتهيألك.
- يمكن.
فذهب الاثنان الى الدور العلوى واستعد (سيد) لمغادرة الفيلا لكنه وجد باب الفيلا يتم فتحه بهدوء ليتراجع الى مكانه خلف الكرسى فشاهد شخص يتسلل من الباب بهدوء ويضى بطاريته لم يصدق نفسه انه لص اخر يتسلل الى الفيلا فشاهد الثلاثة رجال يعودون مرة اخرى بعد شعروا بدخول اللص الاخر لينقضوا عليه فحاول ان يهرب ولكن دون جدوى فسحبوه الى الاعلى ليقول احد الرجال:
-مش قولتلك سامع صوت هاتوا لسعادة الباشا فوق علشان يقرر هيعمل معاه ايه؟
فتسلل (سيد) خلفهم وقدماه غير قادرتين على حمله فشاهد من الباب الموارب اللص وقد تم ربطه بكرسى خشب بينما يحيط به الثلاث رجال بالاضافة لرجل الاعمال الشهير ورجل اخر جالسين على انتريه وامامهما حقيبتان مفتوحتان احدهما بها مال كثير والاخرى مخدرات فأخرج (سيد) الموبايل الخاص به وبهدوء بدأ يصور ما يحدث امامه من تهديد لللص واستجوابه وبعد ان تاكدا بانه مجرد لص تعس الحظ لا يتتبعهما فقال رجل الاعمال الشهير:
-منقدرش نجازف انه يكون عرف حاجة.
فأشار لاحد رجاله ليسحب الاخير السكين ويقطع بها عنق اللص البائس ليرتجف (سيد) وتنزلق قدماه ليحدث صوت لتنظر كل الابصار نحوه ليجرى مسرعا الى الاسفل ليجرى وراءه الرجال الثلاثة ورجل الاعمال والشخص الاخر وفى اقل من ثانية كان (سيد) قد اجتاز الباب وبدا يقفز فوق سور الفيلا فبالرغم من رعبه الشديد فكانت غريزة البقاء لديه تحثه على الهرب فأجتاز سور الفيلا وبدا يجرى حوله بينما خرج الرجال الثلاثة يركضون خلفه ويتبعهم رجل الاعمال يكيل لهم بالسباب متوعدهم بالقتل اذا لم يحضروا ذلك الشخص، وكانت المسافة بينهما ليست بالقريبة فأستغل (سيد) اول منحنى للفيلا وقام بأغرب ما قد يحدث فى تلك الحالة لقد تسلق سور الفيلا مرة اخرى الى الداخل وما ان وصل الرجال حتى ذلك المنحنى وقد اختفى (سيد) فساروا حتى اخر الشارع فلم يجدوا احدا فعادوا الى رجل الاعمال ليسبهم بقسوة وبحثوا بالسيارة فى كل الشوارع المحيطة بالفيلا بينما (سيد) كل ذلك الوقت داخل الفيلا وبعد ان تملك اليأس من رجل الاعمال ورجاله دخلوا جميعا الى الفيلا وهم فى حالة من الارتباك والذهول وصعدوا الى الدور العلوى ليتفاجئوا باختفاء الحقيبتين حقيبة الاموال وحقيبة المخدرات ليصرخ رجل الاعمال الشهير بغضب:
-يا ابن الكلب.
 فأثناء بحثهم عن (سيد) فى الخارج ، عاد الى الفيلا بجراة ينافس بها جده الاكبر (صلاح) وسرق الحقيبتان وانتظر فى الحديقة حتى شاهدهم يعودون الى الفيلا مرة اخرى فتجاوز السور الى الخارج ليفر بعيدا وفى نفس اليوم قام (سيد)بالتخلص من المخدرات واحتفظ بالمال الذى كان فى الحقيبة الاخرى ونشر الفيديو الخاص بقتل اللص والمخدرات التى كانت بحوزة رجل الاعمال الشهير ليتم القبض على رجل الاعمال ورجاله وتاجر المخدرات الاخر بعد ساعة واحدة من نشر الفيديو وتوصل (سيد) الى بيت اللص الذى تم قتله بعد ان تعرف على شخصيته من الاعلام بعد ان تداولوا الفيديو وترك لاسرة اللص مبلغ من المال بينما احتفظ بباقى المال ليبحث بعدها عن ضحية شريرة جديدة ليسرقها.
تمت