الأحد، 3 سبتمبر 2017

كاس العالم


كاس العالم
ساد جو من الصمت القاتل داخل المقهى الكائن بشارعنا والذى يعد ملتقى جميع اهل الشارع خاصة فى المباريات التى تذاع على القنوات المشفرة فجلست مع ابناء الشارع فى المقهى وبجوارى امى فى الصف الاول لترتفع الصيحات مع كل فرصة يصل بها منتخبنا الوطنى الى مرمى الخصم وطوال تسعين دقيقة اشغال كروية شاقة (كما اعتاد ان يقول المعلق الشهير ميمى الشربينى) جلسنا فى حالة من الشد العصبى حتى اطلق الحكم صافرة نهاية اللقاء ليعلن الحكم هزيمة مصر امام الفريق المنافس لتبدأ التعليقات الغاضبة من الجالسين فى المقهى حتى وقفت امى اسفل الشاشة وقالت بغضب:
-انتوا عارفين ايه سبب الخسارة؟
فردد الجالسين بتعليقات مختلفة على غرار:
-الحكم ، الملعب، النحس ، دلع اللاعبين ، المدير الفنى.
فقالت امى فى حسم:
-اننا معندناش ثقة اننا نوصل كاس العالم او مش مصدقين اننا ممكن نوصل كاس العالم.
وجلست امى على الكرسى ليجلس جميع رواد المقهى فى نصف دائرة امام كرسى امى فعلمت وقتها ان الاستوديو التحليلى الخاص بأمى فى المقهى قد بدأ مثلما يحدث بعد كل مبارة هامة وادركت اننا لن نتغدى اليوم بينما شعر صاحب المقهى بحالة سعادة لانه يعلم بان التحليل الخاص الذى تقدمه امى فى المقهى يزيد من عدد رواد المقهى والذى يودى الى زيادة المشروبات المقدمة للزبائن ويودى بالتالى الى زيادة المكسب، فأتخذت موضعى بجوارها لتقول امى بغضب:
-الاعداد للمبارة من الاول كان غلط الخواجة مسافر من غير رأس حربة صريح حضرته ضم ثلاثين لاعب مفيش واحد منهم راس حربة صريح معتمد على لاعبين قدراتهم عالية يوظفهم فى المكان ده حتى لما بيضم فى الماتشات اللى فاتت راسة حربة بيظلمه بطريقة لعبه علشان بيأخر صناع اللعب بسبب طريقة لعبه الدفاعية
وبيضطر المهاجم يتخلى عن دوره فى الهجوم ويلعب مهاجم متاخر بينزل نص الملعب وساعات بيلعب نصف ملعب متقدم جنب صانعين اللعب وبيعتمد على ابو صلاح بس بيخلى الفريق يلعب له واجرى يا ابو صلاح لو تقدر فبيرهقه فنيا وبدنيا.
واثناء تحليل امى للمبارة بدأ عدد من المتابعين فى تصوير ما تقوله امى ولم يثر ذلك دهشتى فتعودت دائما ما يقوم بعض متابعي تحليل امى للمبارة بتسجيل ما تقوله ولكن ما اثار دهشتى هو شخص لما اراه فى شارعنا من قبل بمتابعة ما تقوله امى وقيامه بتسجيل ما تقوله بهاتفه المحمول وبعد ساعة ونصف انتهت امى من تحليلها للمبارة وبدأ رواد المقهى فى الانصراف فأتجهت مع امى الى صاحب القهوة فقالت امى:
-كده حسابنا 150 جنيه.
فقال صاحب المقهى معترضا:
-ليه هو احنا طلعنا مشاريب بكام علشان تأخدوا 150 جنيه.
فنظرت امى لى لاقول بطريقة ألية:
-انتوا نزلت مشاريب لاربعة وسبعين زبون 27 كوباية شاى ب108 جنيه و 13 قهوة ب65 جنيه وعشرين حاجة ساقعة ب200 جنيه و ستة لمون ب60 جنيه واتنين عصير جوافة ب30 واتنين مانجو ب30 جنيه واربعة قرفة ب32 جنيه.
فتمتم صاحب المقهى بصوت منخفض:
-الله يقرفك.
فتسائلت مبتسما:
-بتقول حاجة يا معلم؟
- لا ابدا بس كده الحساب ميوصلش للرقم اللى بتتكلموا فيه.
فقاطعته قائلا:
- ونزل 5 شيشة عادى ب25 جنيه و5 شيشة فواكهة ب50 جنيه
يبقى المجموع 600 جنيه واحنا بناخد الثلث يبقى 150 جنيه.
فكتم المعلم غضبه واخرج المال واعطاه لى فقلت له:
-اوعى تزعل يا معلم على فكرة عدد الناس اللى اخدت مشاريب فى الاستوديو التحليلى بتاع امى اكتر من الناس اللى طلبت والماتش شغال انت عارف ان الناس بتيجى مخصوص علشان تسمع التحليل الفنى للماتشات من امى والا انت مكنتش تجبر اللى يسمع للتحليل الفنى انه ياخد مشروب.
وفى نفس اليوم كان الغضب فى البلد كلها بسبب الهزيمة التى تلقاها المنتخب وفى اليوم التالى فوجئت بالفيديو الذى تظهر فيه امى وهى تقوم بتحليل المبارة قد انتشر بشدة على جميع صفحات التواصل الاجتماعى حتى انه تسبب فى حالة جدلية على تلك الصفحات بين الجد والهزل حتى فى احد البرامج الرياضية الشهيرة تم عرض الفيديو وتسبب فى شهرة اكبر وقال مقدم البرنامج الشهير:
- فريق العمل الخاص ببرنامجنا قد علم بان السيدة التى حللت اللقاء من اشهر المحللين فى تلك المنطقة ويحرص الجميع على متابعة تحليلها بانتظام.
وفوجئنا باتصال من فريق الاعداد الخاص بذلك البرنامج فى اليوم التالى يدعو امى الى حضور حلقة مع الاعلامى الشهير وبالطبع ادركنا ان البرنامج يريد ان يستغل حالة الجدل السائدة التى سببها الفيديو من اجل عمل فقرة تجلب مشاهدات كبيرة وبالتالى الى وجود زيادة فى الاعلانات.
فوافقت امى على الظهور فى البرنامج واشترطت الحصول على مبلغ عشرة الاف جنيه وفى البرنامج جلست امى ليرحب بها الاعلامى الشهير قائلا:
-مساء الانوار يا... تحبى اقولك ايه؟
- مش احنا فى برنامج رياضى يبقى تقولى يا كابتن.
فضحك الاعلامى الشهير وقال:
-تمام يا كابتن بس مش غريبة ان حضرتك بتحللى ماتشات كورة باسلوب ممتاز زى ما شفنا فى الفيديو الشهير وليكى مشاهدين كتير خصوصا ان حضرتك سيدة.
- شوف يا كابتن مفيش حاجة اسمها راجل وست فى حاجة اسمها حد بيفهم فى الكورة وحد لا.
- تمام طيب ممكن حضرتك تقولى ازاى فى محيط المنطقة والشارع بقي ليكى متابعين لتحليلك؟
- اقتنعوا باسلوبى وطريقة تحليلى للمباريات.
- طيب ممكن حضرتك تشرحى لنا اسباب الهزيمة فى المبارة اللى فاتت وازاى نصلح الاخطاء فى المبارة اللى جاية وحظوظنا فى التاهل لكاس العالم؟
- اسباب الهزيمة بالدرجة الاولى عند المدير الفنى هو عنده مشكلة فى طبيعته الشخصية لما بيقرب من نهاية اى بطولة بيرتبك وانفعاله بياثر على قراراته هو بيبدا كويس بس لما بيقرب من النهاية انفعاله بيسيطر عليه وكمان توظيفه الخاطى لبعض اللاعبين مش بيلعب بمهاجم صريح بيجيب مهاجم وهمى يلعب به ، بعض الناس فاكرة ان (صلاح) لما بيعمل دور دفاعى بياثر عليه ده مش صحيح علشان ده بيعمله فى اوربا اللى بياثر على (صلاح) ان المدير الفنى بيلعبه على الخط المفروض يستفيد به فى عمق الملعب مش يموته على الخط ومن مشاكل المدير الفنى اعتماده على بعض اللاعبين بشكل ثابت حتى لو مش فى مستواهم او حتى لو مش بيلعبوا مع انديتهم بالاضافة لاخطر حاجة ان التكتيك والخطة بتاعته ثابتة مفيش فيها مرونة مش بتتغير حسب المنافس يعنى الخطة بتاعته لو بيلعب ضد فريق قوى بتبقى نفس الخطة لو ضد فريق ضعيف.
- توقعاتك ايه للمبارة اللى جاية؟
- ان شاء الله هنكسب بعامل الجمهور والارض وبالحماس بس لازم ناخد بالنا من الهجمات المرتدة للمنافس وسرعاتهم علشان دى اللى هيلعبوا عليها ان شاء الله لو منتخبنا كسب الماتش ده واللى بعده هنول كاس العالم مش هنستنى لاخر جولة علشان بتوقع ان اوغندا هتوقع فى الماتش اللى بعدنا كمان بالرغم انه على ارضها.
واكملت امى بانفعال:
-يا كابتن احنا المرة دى قريبين جدا لكاس العالم كل الظروف بتخدمنا اننا نوصل البداية الكويسة ونتائج المنافسين احنا زهقنا من جون الكابتن (مجدى عبد الغنى) فى (هولندا) نفسنا نشوف (مصر) فى كاس العالم تانى ونشوف جون غيره.  
وفى نهاية الحلقة قام الاعلامى الشهير بالتوجه الشكر لأمى بسبب تحليلها المبسط للمنتخب وفرصه، اما ما كان مثيرا للدهشة نسبة مشاهدات الحلقة على الانترنت والمناقشات التى دارت بسبب تلك الحلقة حتى تم تدشين حملة وهشتاج بعنوان:
 ( #الكابتنة_مدربة_مصر ) للمطالبة بتعيين امى مدربة للمنتخب وبسبب حالة الضغط على اتحاد الكرة للوصول كاس العالم فوجئنا فى اليوم التالى باتصال من اتحاد الكرة يطلبوا فيه ان تكون امى من ضمن مساعدين المدير الفنى الاجنبى فى المبارة القادمة فوافقت امى ولكنها اشترطت ان اكون مساعدا لها وفى يوم المبارة ابدت ملاحظتها للمدير الفنى الذى تقبل تلك الملاحظات وعمل بها لتقول امى له:
-لو وصلنا كاس العالم والله لاعزم المنتخب كله على الفتة اللى بتحبها وهتضيع المنتخب بسببها.
واستطاع المنتخب فى تلك المبارة الفوز بثلاثية نظيفة وبعد شهر فاز المنتخب فى المبارة الثانية قبل ان تتعادل اوغندا لتصل (مصر) الى كاس العالم بعد غياب 28 عاما.
تمت