الثلاثاء، 11 مارس 2014

القرار



القرار
حزم (علاء)حقائبه وقام بتوديع أسرته وتوجه الى (شرم الشيخ)بعد ان أغلقت كل السبل امامه لايجاد فرصة عمل فى العاصمة فبعد ان تخرج فى كلية التجارة بحث عن عمل فى احد البنوك وهو الامر الذى يمثل حلم كل خريجى كلية التجارة والذين طوال مدة دراستهم يظنوا ان بمجرد تخرجهم من الكلية سيعملون مباشرة فى احد البنوك الاجنبية وسيتجاوز مرتبهم الثلاثة الاف جنيه خاصة مع الوعود التى يتلقوها من الاقارب والمعارف والتى تتلخص فى جملة واحدة يسمعوها دائما:
-انت بس تخلص الكلية والجيش وورقك يبقى كامل وتلاقى مكانك محجوز وتشتغل على طول.
ليفاجئوا بعد تخرجهم باختفاء هولاء الاشخاص وبعد ان كان يفاضل فى خياله بين عدة فرص ممتازة لا يجد اية فرصة ليتنازل عن حلمه ويرضى بأن يكون موظفا ليصطدم بان الحكومة قد أغلقت باب التعيينات وانه لا مجال للتعيين او العمل فى الحكومة الا لأبناء العاملين ووقتها اكتشف ان (مصر)نظام حكمها جمهورى بينما  العمل بالحكومة نظامه ملكى لقيامه على اساس التوريث،وبدأ (علاء)البحث عن اى عمل فى اى مكان بغض النظر عن المؤهل الذى يحمله ليجد نفسه فى النهاية كاشير فى احد المحلات التجارية ليمضى بذلك العمل لمدة ستة أشهر ولكنه شعر ان العمر يمضى به دون ان يحقق شىء فحاول ان يبحث عن فرصة عمل فى الخارج ولما فشل لان المؤهل الذى يحمله غير مطلوب فى الخارج وان المطلوب هم خريجى كليتى الطب اوالهندسة،علم ان السبيل المتاح هو السفر ل(شرم الشيخ)حيث يوفر دخلا ممتاز بالاضافة الى عدم تحمله اية تكاليف للاقامة،وفى اليوم الاول علم انه سيعمل كنادل فى مطعم يتبع فندق باحد القرى السياحية وتعرف الى (مصطفى)وهو شاب مفتول العضلات وعلى قدر كبير من الوسامة وله شعبية كبيرة فى شرم الشيخ بين القرى السياحية ومشايخ القبائل وحتى الاجانب الذين يطلبونه بالاسم ليشرف على برنامجهم السياحى وبالرغم من تلك الشهرة الا انه متواضع جدا مع العاملين المصريين ولا يتاخر عن مساعدة اى شخص يطلب منه المساعدة كما يساعد فى توفير فرص عمل لعدد من الشباب فى (شرم الشيخ) و(الغردقة)،وبمضى الوقت وأصبح الاثنان صديقين وفى بعض الاحيان كان (مصطفى)يطلب من (علاء)مرافقته فى عدد من الرحلات السياحية والسافارى التى ينظمها للسياح حتى يستطيع ان يضيف اليه دخل وبعد فترة علم (علاء)ان (مصطفى)فى بعض الاحيان يقيم علاقات مع اجنبيات مقابل مبلغ من المال يعطونه له وفى بادىء الامر لم يصدق (علاء)ذلك بالرغم من علمه ان معظم الشباب فى (شرم الشيخ)اذا اعجبت اى فتاة بأحدهم تدعوه الى اقامة علاقة مقابل مبلغ من المال وفى بعض الاحيان يتطور الامر الى زواج مؤقت طوال بقاء فترة الاجنبية داخل (مصر)ولكنه لم يتخيل ان يقوم صديقه (مصطفى)بذلك،وبعد انتهاء يوم العمل قابل الاخير فى استراحة الفندق وسأله مباشرة:
-انت بتعمل علاقات مع اجانب وبتاخد منهم فلوس؟
فتطلع (مصطفى)الى صديقه وقال بهدوء:
-اه.
- انت يا (مصطفى)؟انا مصدقتش لما سمعت الكلام ده.
- وفيها ايه؟
- فيها ايه انت كده زيك زى الست اللى بتشتغل فى الدعارة انتوا الاتنين بتبيعوا جسمكم للى يدفع.
- بالله عليك بلاش فلسفة انت عاجبك الظروف اللى احنا فيها؟مفيش فلوس والدنيا مقفولة علينا ومفيش شغلانة ثابتة ولا دخل ثابت ولا فرصة للجواز.
-دايما بتسألنى ليه الفلوس بتاعتك مفيهاش بركة وبتلاقيها بتخلص على طول دلوقتى انا عرفت ليه علشان الفلوس ديه حرام.
فتركه (مصطفى)وانصرف وبعد يومين تصالحا ولم يتطرقا لذلك الموضوع وبعدها بأسبوع جاء (مصطفى)الى (علاء)اثناء فترة عمله على غير العادة وقال له بلهفة:
-عايزك فى موضوع مهم.
- خير؟
- معايا واحدة هتموت عليك نفسها تقضى معاك ليلة.
- انت بتقول ايه؟
- ايوه شافتك وعايزاك الليلة اهى جاية علينا.
فأقتربت فتاة جاوزت الخامسة والثلاثين ذات بشرة بيضاء وشعر أصفر وترتدى تى شيرت عارى الكتف وشورت قصير وقالت ل(علاء) بالانجليزية مباشرة:
-اليوم الساعة العاشرة مساء فى غرفتى ورقمها 212.
فقال (علاء):
-لا.
- 200دولار.
- لا.
فأنفعلت الفتاة عليه واخذت تسبه بالعديد من الشتائم وهددته بانها ستتهمه بالسرقة وأخذ (مصطفى)يهدىء من روعها ووعدها بانه سيحل الامر وأنفرد بصديقه (علاء)وقال له:
-انت مجنون دى تقدر تلبسك تهمة سرقة ولا تحرش و انك ترفض انك تنام معاها ده معناه اهانة لها،وبعدين دول مائتين دولار يعنى الف وربعمائة جنيه هتاخدهم فى ساعة زمن.
تصارعت الافكار داخل رأس (علاء)فجانب بداخله يدفعه لقبول العرض انه شاب ولم يدخل فى علاقة من قبل والفرصة اتته ليشبع غريزته بالاضافة لحصوله على مبلغ كبير من المال وطالما تمسك بالاخلاق وحسن الخلق فبماذا عاد ذلك عليه؟ولكن الجانب الاخر منه كان يرفض متمسكا بالدين والتربية التى نشأ عليه مخاطبا نفسه بأن مثل ذلك الامر لن يمر على خير،فقال لصديقه (مصطفى)بتردد:
-بس الفلوس ديه حرام يا (مصطفى)وده زنا بيتهز له عرش ربنا.
- زنا ايه يا بنى هى دى مش أجنبية؟
- اه.
- يبقى اعتبرها من السبايا وفلوسها حلال ليك.
أخذ (علاء)يفكر فعليه ان يتخذ قرار قبل ان يقول فى النهاية:
-انى اخاف الله رب العالمين.
- ايه؟
- قلها لا يا (مصطفى) قلها لا انا مش هعمل كده.
- يابنى دى ممكن تلبسك مصيبة.
- ربك يفرجها من عنده (ومن يتق الله يجعل له مخرجا).
تركه (مصطفى)وأخذ يتحدث مع الفتاة فقال (علاء)فى سره كأنما يذكر نفسه:
-سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله منهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين.
وجد (علاء) الفتاة اصبحت اكثر هدوءا فعاد اليه (مصطفى)ليسأله (علاء):
-أنت قلتلها ايه؟
فضحك (مصطفى) وقال:
-قلتلها انك شاذ.
- ايه شاذ؟
- اه شاذ مكانش فيه حل تانى غير انى اقولها كده ولا كانت حبستك.
- يعنى اقتنعت انى مش هينفع ادخل معاها فى علاقة؟
-اه علشان تدعيلى،بس انا مش هسيب المائتين دولار.
- ازاى؟
-اتفقت ان هروح لها الاوضة انهاردة وأخد انا المائتين دولار       
- أنت حر.
وتركه وانصرف واستمر (علاء)فى عمله لمدة ستة أشهر ليسمع فى أحد الايام ان صديقه (مصطفى) قد أصابه الايدز بسبب علاقة محرمة وعلم بعدها انه تلقى العدوى من المراة التى رفض هو ان يقيم معها العلاقة وعند زيارة صديقه وجد ان صحته قد تدهورت بطريقة لم يتوقعها فجسده القوى قد اصابه الخمول وحالته النفسية أصبحت فى منتهى السوء وفى تلك الليلة لم يستطع النوم فتخيل نفسه مكان صديقه اذا كان وافقه على اقامة العلاقة مع تلك المراة ولكنه حمد الله على اتخاذ القرار الصحيح وردد (ومن يتق الله يجعل له مخرجا).
                                               تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق