الجمعة، 28 فبراير 2014

فى الاتوبيس

فى الاتوبيس
وقفت فى محطة الاتوبيس حتى رأيت الاتوبيس الذى يتجه الى (السيدة زينب) اتيا حتى ركضت نحوه مثل باقى المنتظرين مثلى فأصبحت بقوة الدفع داخل الاتوبيس واسرعت الى الكرسى المفضل بالنسبة لى فى مؤخرة الاتوبيس حيث الكنبة الاخيرة فى اقصى اليمين حتى لا يأتى احد ليطلب منى القيام له فعلى الموتور امام الكنبة الاخيرة ستجد اثنان جالسان بحيث يستحيل ان يقف احد فى هذا المكان وكل من سيستقل الاتوبيس سيدخل مباشرة الى الامام ، اعلم انى ابدو وقحا عندما اقول ذلك انى اجلس فى هذا الكرسى حتى لا اشعر بالحرج ليجلس مكانى رجلا مسنا او امراة  ولكننى اقسم اننى عندما استقل اية وسيلة مواصلات اخرى باستثناء ذلك الاتوبيس مثل المترو او باص او حتى اى اتوبيس اخر باستثناء هذا الاتوبيس اقوم ليجلس مكانى اى رجل مسن او امراة او حتى فتاة ولو لم يطلبا منى ذلك فأقوم من مكانى بنفس راضية اما ذلك الاتوبيس فعذرا ان الامر اقوى منى بكثير فبمجرد ان يقترب ذلك الاتوبيس من المحطة يكون مزدحما على اخره اما عندما يدخل المحطة فيكون هناك العديد من الناس واقفين اما عندما يرق قلب السائق ويتحرك بالاتوبيس بعد ان يشرب كوب الشاى فلا يكون هناك موضعا لقدم داخل الاتوبيس، سيوجه لى شخصا ذكيا سؤال وهو ما الذى دفعك الى ركوب ذلك الاتوبيس فأجيب عليه انا استقل ذلك الاتوبيس عندما اكون متجها لمحكمة جنوب القاهرة (زينهم) - وقد كثرت تلك الجلسات فى الفترة الماضية - حيث ان تذكرة الاتوبيس جنيه واحد فقط ، ثانيا ان الاتوبيس يمر امام باب المحكمة مباشرة فان لم استقل الاتوبيس سأضطر الى ان استقل مواصلتان او ثلاثة، فصعدت الى الاتوبيس حيث الكرسى المفضل وفى ذلك الاتوبيس يعرف معظم الركاب بعضهم البعض حيث يستقلون نفس الاتوبيس صباح كل يوم للذهاب الى عملهم اما بالنسبة لى فأنا اعرفهم وهم يعرفوننى بالشكل فقط وبالرغم من كون الاتوبيس فى حالة زحام شديدة الا ان الركاب الذين يعرفون بعض ظلوا يتبادلون النكات والمزاح واتى السائق عم (محمد) الذى يعرف ركابه الدائمين وهم يعرفونه كذلك، وما ان تحرك الاتوبيس مع المودة والمزاح بين الركاب وبعضهم وبينهم وبين والسائق حتى تذكرت الجزء الاول من فيلم (سبيد) وتخيلت ما تم بأحداث الفيلم والذى قد يتم معنا ولكننى سرعان ما ازلت تلك الفكرة عن رأسى عندما تذكرت انه حتى لا تنفجر القنبلة يجب الا تقل سرعة الاتوبيس عن حد معين وفى حالة اتوبيسنا سينفجر بعد دقائق قليلة لاننا حتما سنضطر للتوقف كثيرا بسبب الزحام الشديد والاشارات والطرق المتوقفة بدون سبب، وبعد ان تحرك الاتوبيس اجتزنا بحمد الله وفضله (صلاح سالم) فى ساعة كاملة وبدأ عدد ركاب الاتوبيس يتناقصون ليعود الاكسجين مرة اخرى الى الركاب وما ان وصلنا الى (باب الشعرية) حتى صعد شابان فى اوائل الثلاثينات فقال احدهما:
-السلام عليكم ورحمة الله يا اخوانى فيه واحدة متوفية وبنحاول نلم ثمن الكفن والخارجة فاللى يجود بأى حاجة يبقى له الفضل والثواب عند الله.
فوضعت يدى فى جيبى لاخرج حافظة النقود ولكن الراكب الذى بجانبى-هو احد الذين يستقلون هذا الاتوبيس بصفة دائمة- وضع يده على جيبى ليمنعنى من اخراج الحافظة فنظرت له فأوما لى براسه وبعد أن نزل الشابان من الاتوبيس قال لى الرجل الذى يجلس بجوارى:
-الشابين دول نصابين وعلطول بيعملوا الحركة ديه بيطلعوا الاتوبيس ويلموا فلوس من الناس تحت لى مسمى للتبرع ويمشوا.
- انت متأكد؟
وقبل ان يجيب اخذ الركاب يتحدثون عن الشابين فقالت سيدة فى منتصف العقد الخامس:
-امبارح كنت راكبة اتوبيس رايح القصر العينى لقتهم طالعين بردوا بيطلبوا تبرعات علشان واحدة ميتة وعاوزين يدفنوها.
واخذ كل شخص يلقى تعليقا حول الشابين قبل ان يصعد شخصا تجاوز الاربعين الى الاتوبيس يبدو عليه الارتباك لتتعلق به الاعين وكنا وقتها قد وصلنا الى (السيدة زينب) فقال الرجل:
-احتياطى الفلوس بتاعتنا نقص جامد.
لم يقاطعه احد وانما ظللنا ننظر له، فقال الرجل بعد ان مررنا بأحد الابنية:
-على فكرة التصميم ده من العصر العثمانى.
وتكلم الرجل عن شى يميز الابنية العثمانية فأنبهرنا بما قال غير مصدقين ان ذلك الرجل مختل
وبدأ الرجل يقول العديد من الجمل الغير المترابطة والمختلفة مثل:
-الدولار وصل سبعة جنيه وبعدين الكهرباء دلوقتى بتقطع على طول،وبعدين قال انه هيظبط الدنيا فى 100 يوم ومعملش حاجة، بس الفلول برده مش عايزين هما كمان يسيبوا البلد.
حقيقة الرجل كانت لديه مشكلة نفسية ما ولكنه لديه قدر من الوعى بما يدور حوله فى المجتمع لان يقول اشياء تحدث بصفة يومية ولكن دون ترابط فيما يقوله ولكن اغرب ما عرفناه منه انه مهندس كهرباء حتى انه قال العديد من المصطلحات باللغة الانجليزية ومن لكنته فى نطق بعض الكلمات علمت بانه يجيد تلك اللغة حقا وبعد لحظات نزل ذلك الرجل فى محطة (ابو الريش) لتبدا التعليقات عليه بين من يبدى تعجبه فيما يقوله وبين حامدين الله على نعمة العقل وسألينه على دوام تلك النعمة وحقيقة استوقفنى كلام هذا الرجل حتى قلت لنفسى هل هو من فقط من لديه مشكلة عقلية ام اننا جمعيا بسبب الضغوط التى نتعرض لها فى حياتنا ستودى بنا الى ان نكون مثله ولكن وصول الاتوبيس محكمة (زينهم) جعلنى انفض عن راسى تلك الافكار لابدأ يومى.
                                                تمت


هناك تعليق واحد: