الأربعاء، 26 فبراير 2014

الشعب بيكلم نفسه



                         الشعب بيكلم نفسه
ملحوظة: تم كتابة هذه القصة فى 28/3/2013
فى احد الايام خرجت من المكتب الذى اعمل به كعادتى قبل موعد انتهاء العمل ، اخذت اسير فى شوارع وسط البلد اشاهد المحلات والملابس المعروضة بها، الا ان رجلا فى منتصف الاربعينات جذب انتباهى عن ذلك القميص الذى يساوى اربعة اضعاف مرتبى والذى لن اقوم بشرائه باى حال من الاحوال، فلم تكن هيئة الرجل بها شيئا تثير الدهشة او انه يتشاجر مع احد، ان ما اثار دهشتى انه كان يتكلم مع نفسه فأقتربت منه لأتحقق ان كان يرتدى سماعة فى اذنه ويخاطب احدا فلم اجد شيئا فقمت بالسير خلفه مباشرة لأسمع ماذا يقول، فوجدته يخاطب نفسه قائلا:
- صاحب المصنع اللى الواحد شغال فيه اتضغط عليه علشان يشارك حد مهم فريح دماغه و قفل المصنع طب فى السن ده اعمل ايه؟ هما الشباب لاقيين شغل علشان يشغلوا واحد فى سنى؟!
ظللت اتابع الرجل فى شفقة حتى عبر الطريق فأعددت نفسى لعبور الطريق انا الاخر الا انى وجدت امراة فى اوائل الخمسينات على نفس الرصيف تكلم نفسها بصوت مسموع فما كان منى الا ان سرت خلفها وقد غلبنى الفضول لسماع ما تقوله لنفسها فأقتربت قليلا منها وبدات اقلل من سرعة خطوتى خلفها لاسمعها تقول لنفسها:
-فاضل يومين على اول الشهر والمفروض ادفع الجمعية وفى نفس الوقت لازم ادفع فلوس الدروس بتاعة الواد طب اعمل ايه؟!
احسست نحو المرأة بالشفقة ومر بجانبى رجل تجاوز السبعين  يكلم نفسه بصوت عالى جدا فلم استطع ان امنع نفسى من ان اسير خلفه لاسمع ما يقول فلم احتاج ان اقترب منه كثيرا بسبب صوته العالى لاسمعه يقول:
-يعنى بعد العمر ده كله نتبهدل والمعاش ثابت مفيش فيه زيادة والاسعار فى الطالع ايه الظلم اللى احنا فيه ده.
فالتفت الرجل خلفه فجاة ليجدنى امامه فأسرعت الخطأ خوفا من ان يصب جم غضبه فوق رأسى، فرأيت شابة فى الثلاثين من عمرها فى غاية الجمال تتحدث الى نفسها فشعرت بفضول بالغ عن السبب الذى يجعل شابة بهذا الجمال ان لا تشعر بنفسها وتكلم نفسها بصوت مرتفع فى الشارع فسرت خلفها وسمعتها تقول:
-خلاص مفيش امن فى اى مكان دلوقتى اخاف امشى فى اى تجمع لحد يتحرش بيا، وخايفة على اولادى وهما راجعين من المدرسة لحد يخطفهم ربنا يسترها.
فأشارت الى ميكروباص لتستقله وبعدها شاهدت العديد من الاشخاص يتحدثون الى انفسهم بالشارع فلم استطع متابعة واحدا بعينه نظرا لكثرتهم اما ما اثار انتباهى اكثر انهم وبالرغم من كونهم يحدثون انفسهم بشكل يثير الدهشة الا ان هذا لم يلفت انتباه احد غيرى بالشارع ، وبعد ان شاهدت كل الاحداث شعرت بهم كبير وقررت العودة الى المكتب وقلت لنفسى:
-كل واحد عنده هم كبير يعنى اللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته.
فألتفت خلفى فوجدت فتاة تنظر لى فى شفقة فلم افهم سر تلك النظرة فأكملت سيرى وشعرت بقلق بسبب المستقبل الغامض وقلت لنفسى:
- انا دلوقتى فى شغلانة موقتة وممكن صاحب الشغل يقولى فى اى وقت مع السلامة ساعتها ممكن الاقى شغل تانى؟ ولو حبيت اتجوز هجيب منين ثمن الشقة ومصاريف الجواز؟!
فأستدرت ووجدت نفس الفتاة التى كانت تسير خلفى تنظر لى وعلى وجهها نفس نظرة الشفقة التى كنت ارمق بها الناس فأكتشفت انى كنت اكلم نفسى بصوت مسموع دون ان ادرى.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق