الجمعة، 29 أغسطس 2014

التشريح



التشريح
جلس (عز) مع خطيبته (هبة) فى احد المطاعم يتناولان غدائهما ليسألها (عز):
- حاسس ان فى حاجة مخلياكى مش عارفة تستعدى للفرح؟
- لا ابدا.
- ابدا ازاى انا ملاحظ بقالك كام يوم متوترة ومش عارفة تخلصى تجهيزاتك للفرح وبعدين الفرح خلاص كمان اسبوعين؟
- بصراحة فيه قضية شغالين عليها وفيه ضغط علينا بسببها ولو مقدرناش نحلها قبل الفرح هنضطر نأجل الفرح لغاية القضية ما تخلص وبعدها نعمل الفرح ونسافر فى شهر العسل زى ما انت مخطط.
- نأجل الفرح! لا براحة كده قوليلى ايه القضية دى ومحيراكم ليه وانشاء الله نقدر نحلها قبل الاسبوعين.
- نحلها؟! هو انت عايز تشترك مع الشرطة فى حل القضية انت عايز تقنعنى ان فرقة بحث كاملة مش عارفة تحل قضية وانت هتقدر تحلها لوحدك؟
- طبعا علشان الفرح بتاعى انا اللى هيتاجل مش فرح فريق البحث قوليلى براحة ايه موضوع القضية اللى هتتسبب فى تأجيل الفرح؟
- من كام يوم لقينا جثة متشرحة لطالب فى كلية الطب.
- متشرحة؟
- اه متشرحة والجانى مسبش وراه اى دليل.
- والطالب ده مفيش له اعداء او بنت كان بيحبها وسابها او بيطلع الاول على دفعته وحد غيران منه يعنى اى دافع للقتل بالطريقة دى؟
- خالص الولد مستواه عادى فى الدراسة بينجح بس مش بتفوق مكانش مرتبط باى بنت مالوش اى اعداء او حد يكره لدرجة القتل زى الطالب التانى اللى اتقتل و...
توقف الطعام فى فم (عز) ولم يستطع بلع وانتابته نوبة كحة بعد ان سمع العبارة الاخيرة وقطع
كلام (هبة) وتسائل:
-الطالب التانى اللى اتقتل هو فى قتيل تانى؟!
- اه طالب فى نفس سنة القتيل الاول واتشرح بنفس الطريقة.
- يبقى لازم تكونوا ربطوا بين الولدين.
- الاتنين اصحاب بس مفيش نشاط لهم يخليهم ضحايا فى جريمة قتل.
وما ان انتهت من جملتها حتى رن الهاتف الخاص ليسمعها (عز) تقول:
-الثالث طب لقوا فين؟انا جاية حالا.
سألها (عز):
-لقوا الجثة الثالثة؟
- اه.
- فين؟
فقالت وهى تقوم من على كرسيها:
-هكلمك لما اوصل لحاجة.
وفى الايام التالية سرت حالة من الخوف الشديد بين طلبة كلية الطب مما ادى بغالبية الاسر الى عدم السماح لابنائهم بالذهاب للكلية،وفى احد الكافتريات جلس (عز) مع (هبة) التى بدت فى غاية الضيق واخذت تتحسس اطراف شعرها القصير الذى لا يصل الى كتفها بيدها اليسرى مما يوضح شعورها بالتوتر والعصبية فسألها (عز):
-معقول معرفتوش ايه اللى بيربط بين الطلاب الثلاثة وممكن يخليهم يتقتلوا بالطريقة دى؟
فقالت (هبة) بعصبية وبصوت مرتفع:
-مفيش حاجة خالص.
فألتفت رواد الكافيتريا اليها لتصمت وتشرب العصير فى غيظ قبل ان تضيف بصوت منخفض:
- التحريات كلها بتقول انهم صحاب وزمايل ومفيش اى حاجة مريبة عند حد فيهم وطبعا الاعلام بيهاجمنا علشان التقصير وبيتريقوا علينا حتى ان فيه مذيع بيقول ان الجانى بعد ماحدد ان الضحايا دايما من كلية الطب والشرطة مش بتوصلوا احتمال المرة اللى جاية يقول هو هيموت مين يمكن الشرطة تنقذه.
كتم (عز) ضحكته بصعوبة قبل ان تكمل (هبة):
-عملنا كل حاجة ممكن تتعمل مش ناقص غير اننا نستجوب الشباب اللى اتقتل.
فقطعت كلامها مرة واحدة ولمعت عيناها فجاة فسألها (عز) باهتمام:
-وصلتى لحاجة؟
- اه فيه خيط مدورناش وراه.
- ايه؟
- نستجوب اللى عايشين.
- مش فاهم؟
- اللى قتل ده قتل مين؟
- طلبة فى كلية الطب.
- واصحاب يعنى فيه حاجة بتربط كل اللى اتقتلوا مع بعض.
- اكيد.
- يعنى القاتل لو حب يقتل واحد جديد هيكون مين؟
- مين؟
- غالبا طالب معاهم فى كلية الطب.
- انتى عايزة تقولى ايه؟
- يلا بينا فى السكة هقولك كل حاجة.
فأنصرفوا من الكافيتريا واستقلوا سيارة (عز) ليسالها الاخير:
-قوليلى ايه الفكرة اللى جاتلك؟
- احنا كنا بندور غلط.
- ازاى؟
- كنا بندور ايه اللى بيجمع الشباب اللى اتقتلت صح؟
- صح.
- المفروض كنا ندور على حد يكون من اصحابهم المقربين ولسه عايش اكيد هيكون مهدد بالقتل وهنعرف السبب منه فى استهدافهم.
وبدات الشرطة فى جمع التحريات الخاصة بالاصدقاء المقربين للمتوفين من الكلية حتى وصلوا الى شابين وتم استدعائهم وجلست (هبة) و(عز)معهم قبل ان تسألهم الاولى:
-بتحرياتنا وصلنا انكم اصدقاء المتوفين الثلاثة تقدروا تقولولى ايه اللى حصل يخليهم يتقتلوا بالطريقة دى؟
فتلعثم الشابين قبل ان يقول احدهما:
-احنا معاملناش اى حاجة.
فقالت (هبة) بصرامة:
-يظهر انى موضحتش الموقف كويس انتوا مههدين بالقتل بنفس الطريقة اللى ماتوا بها فلازم تساعدونا علشان نمسك القاتل ونحميكم.
فقال الشاب الاخر:
-والله احنا معاملناش اى حاجة احنا كنا بنخرج مع بعض عادى وبنذاكر مع بعض.
- طب اخر مرة اتقابلتم فيها كانت فين وامتى وليه؟
فتبادل الشابين النظرات قبل ان يقول الاول مترددا:
-كنا بنذاكر مع بعض فى بيت (ايهاب).
فسألهم (عز):
-طب مترددين ليه؟
- اصلنا كنا جايبين جثة وبنشرحها علشان المذاكرة بتاعتنا.
فنظر (عز) و(هبة) الى بعض قبل ان تسألهم (هبة):
-جثة مين اللى كنتوا بتشرحوها؟
- منعرفش اللحاد هو اللى جابلنا الجثة لواحد كان لسه ميت فى نفس اليوم اللى جابهلنا فيه.
فأخذت منهم اسم اللحاد وعنوانه وذهبت اليه برفقة (عز) وفى الطريق قالت ل(عز):
-كده بتهيالى العملية واضحة اكيد اهل الشخص المتوفى اللى طلبة شرحوه عرفوا بان الجثة اتسرقت فحد منهم بدأ يموت الطلبة بنفس الطريقة.
- متستعجليش انا عند نظرية تانية مجنونة بس يا رب تكون نظريتك هى اللى صح.
- ليه؟
- انت بتفكر فى ايه؟
- بعدين لما نقابل اهل المتوفى.
وبعد ان وصلا لللحاد عرفا منه بعد ان هددته (هبة) بالسجن بعائلة المتوفى وذهبت بقوة من الشرطة الى هناك وبالتحقيق عرفت بان اسرة المتوفى لم تعلم بسرقة جثة قريبهم فجلست مع (عز) وقالت له:
-كده نظريتى مش مظبوطة نسمع نظريتك.
- فى الاول اطلبى الشابين اللى فى كلية الطب علشان وجودهم ضرورى وعلشان اقول نظريتى مرة واحدة.
فجاءت بالشابين واخذ (عز) نفس عميق وقال:
-اللى هقوله ممكنون يكون بالنسبة لكم جنان بس دى الحاجة الوحيدة اللى ممكنة بالنسبة لى،
انتوا يا دكاترة كنتوا عايزين جثة علشان تشرحوها علشان بتذاكروا فاللحاد جابلكم جثة كانت لسه مدفونة فى نفس اليوم، وانتوا شرحتوها كل ده عادى وبيحصل بس بدأ اصحابكم اللى كانوا معاكم فى يوم التشريح بيتقتلوا ويتشرحوا طبعا ربطنا بين الموقفين وكنا ممكن نقول ان اللى بيعمل كده حد من اهل المتوفى بس محدش فيهم يعرف ان الجثة اتسرقت فجاتلى فكرة مجنونة علشان كده سألت زوجة المتوفى هو جوزك كان عنده السكر قالتلى اه،فأتاكدت من نظريتى اللى بتتلخص فى ان المتوفى لما اتدفن جاتله غيبوبة سكر والدكتور اللى كشف عليه مقدرش يسمع النبض فافتكره مات وصرح بدفنه وبعدين اللحاد جابلكم الجثة، عارفين ده معناه ايه؟
فتبادل الاثنان النظرات قبل ان يكمل (عز):
-انتوا شرحتوا شخص حى.
امتقع وجه الشابين و (هبة) قبل ان تقول:
-ايه اللى انت بتقوله ده؟
- ايوه المتوفى كان عايش جاتله غيبوبة سكر وفقد الوعى والدكاترة بداوا يشرحوه وهو لسه عايش وروحه بدات تنتقم منهم بنفس الطريقة اللى قتلوه بها.
سادت حالة من الوجوم بين (هبة) والشابين قبل ان تقول (هبة) بصوت مبحوح:
-انت متاكد يا (عز)؟
- لو عندك راى تانى قوليه.
- يعنى دلوقتى المفروض انى اقبض على شخص ميت انا لو قلت ده لرؤسائى هيدونى اجازة ويقولوا عليا مجنونة.
- دى مشكلتك انتى انا عن نفسى حليت اللغز يعنى هنتجوز بعد عشر ايام فى ميعادنا اما بالنسبة للدكاترة فهما مرشحين بقوة للقتل.
- نتجوز ايه؟ فيه شبح بيقتل فى طلبة المفروض نعمل ايه دلوقتى؟
- اعتقد ندور على اللى اتبقى من جثة المتوفى اللى اتشرح وندفنها بطريقة محترمة ساعتها ممكن روحه ترتاح.
- ازاى نتاكد من النظرية دى اذا كانت فعالة ولا لا؟
فقال (عز) فى برود:
-هنستنى لو الشابين اتقتلوا يبقى نظرية الدفن دى منجحتش والروح هترتاح لما تقتلهم ولو ما اتقتلوش يبقى النظرية ناجحة.
ولكن فى اليومين التاليين وبعد ان عرف الشابين بما حدث وبعد ان جمع (عز) ما تبقى من جثة الشخص ودفنها لم يستحمل احد الشابين كل ماحدث وقام بالانتحار بينما دخل الثانى لمصحة الامراض العقلية للعلاج بعد ان اصابته لوثة عقلية من الخوف الشديد وجلست (هبة) مع (عز) وساله:
-القضية خلصت ازاى؟
- اتقيدت ضد مجهول.
فضحك (عز) قبل ان تقول (هبة):
-كنت عايزنى اكتب فى تقريرى ان شبح هو اللى بيقتل.
- سيبك من القضية المهم عملتى ايه فى الشغل علشان الفرح؟
- اخدت اجازة شهر بحالة علشان الفرح وشهر العسل.
- جميل جدا.
- بس فكرتك عن شهر العسل اننا نروح اربع بلاد نقضى فى كل بلد اسبوع فكرة جديدة.
-ايه رايك فيها؟
- جميلة جدا، ايه اول بلد هنروحها؟
- اليابان.
- الله جميلة اوى.
- اوعدك انها رحلة مش هتقدرى تنسيها.
ولم يكن (عز) يعلم صدق وعده بسبب ما سيلاقيه هناك.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق