الاثنين، 11 أغسطس 2014

أمل القرية



أمل القرية
فى ثلاثينات القرن العشرين بالرغم من الاحداث السياسية الساخنة التى شهدها العالم و(مصر)
التى كانت محتلة فى ذلك الوقت من (بريطانيا) كانت احدى قرى صعيد (مصر) محتلة احتلالا
اخر بجانب الاحتلال الانجليزى للبلاد فقد كان اهالى تلك القرية من أسرة واحدة وتجمعهم علاقة مصاهرة وكانوا يملكون اراضى تلك القرية الا ان كل ذلك قد تغير فى القرن التاسع عشر بعد ان اصبح (محمد على) حاكما للبلاد وبعد ان تخلص من كل القوى السياسية الموجودة على الساحة المتمثلة فى المماليك والتجار واصبح هو المالك الوحيد لكافة ارجاء البلاد والمتحكم الوحيد فى اراضيها لتدخل الى (مصر) عائلات الضباط الاتراك والتجار الاتراك وينعم عليهم (محمد على) بالاراضى المصرية لتصبح ارض تلك القرية والتى كانت مملوكة للمصريين ملكا لعائلة تركية يستخدمون اهاليها فى زراعة اراضيهم مقابل ثمن بخس يكفى الاهالى بالكاد وقاموا بمحاولات سواء فردية او جماعية لتغيير ذلك الوضع واسترجاع ارضهم التى سلبت منهم وكان نتيجة لذلك قتل البعض منهم سواء عن طريق عمليات اغتيال من مطاريد يتم استئجارهم عن طريق تلك الاسرة او عن طريق محاكمات صورية لما تتمتع به تلك الاسرة التركية من نفوذ انتهت باعدام عدد من شباب ورجال القرية وسجن عدد اخر منهم الامر الذى ادى الى ازدياد بطش تلك الاسرة التركية بالاهالى فى القرية الامر الذى لم يعد بإمكان احد ان يتحمله واتفق اهالى القرية ان يجتمعوا مساء فى منزل الشيخ (صبحى) اكثر رجال القرية حكمة ومن يحوز احترام الجميع لما يتمتع به من خلق وحسن تدبير، فوافق ان يجلسوا معا ولكنه طلب من كل فرد ان ياتى ومعه زوجته خلال ذلك الاجتماع فأندهش الرجال من طلب الشيخ (صبحى)ولكنهم نفذوا طلبه وعندما اجتمعوا قالوا له:
-نعمل ايه يا شيخ (صبحى)علشان نرجع حقنا وارضنا؟
- انتوا عارفين ايه اللى مخليهم بيعاملونا كده؟
- ايه؟
- انهم بيسلمونا من جيل لجيل زى العبيد؟
فقال احدهم:
-مش فاهمين؟
- يعنى جد العائلة دى كان مستعبد جدنا وسلم ابونا لابوه وابوه خلانا عبيد لابنه وولادنا هيبقوا عبيد لولادهم.
- والحل؟
- ولادنا يسيبوا البلد ويرجعوا متعلمين علشان يعرفوا ياخدوا حقهم.
- وده يبقى ازاى؟
- الموضوع ده هياخد سنين كتير اوى احنا مش هنلحقها بس ممكن اولادنا هما اللى هيعشوها اول حاجة هنبعت اولاد البلد اللى عندهم خمس سنين يعيشوا مع (محمد الغريب) فى (مصر) وكل اللى نملكه هنبعته ل(محمد)ويبقى هو المسئول عن الاولاد وتعليمهم.
وبعد المناقشات وافقوا جمعيا على هذا الاقتراح وارسلوا الى (محمد الغريب)الشاب ابن تلك القرية والذى يعمل فى القاهرة محاميا فوصل الى القرية وسمع منهم اقتراحهم وبالرغم من غرابة الفكرة الا انه وافق عليها واستعد لاصطحاب الاطفال معه الى القاهرة ليتلقوا التعليم المناسب ولكن قبل رحيله عن القرية شاهد صدفة (مرفت)وهى فتاة شابة احدى بنات اسرة الاقطاعيين وقد اسرت قلبه بمجرد ان رأها وتحدث معها اثناء مرورها بالقرية فأكتفت بابتسامة فى دلال فقط دون ان تجيبه،وفى المرة الثانية فقبلت منه وردة كان قد تقدم بها لها وبدات فى التعمد فى الخروج حتى يتبعها (محمد) وبداوا يتجاذبوا اطراف الحديث حتى نشأت بينهم قصة حب فى فترة وجيزة لم تتجاوز الثلاثة اسابيع،فذهب (محمد)الى الشيخ (صبحى)
واطلعه على ما بداخله تجاه (مرفت)فقال الشيخ له:
-يا بنى الموضوع ده فيه اشكاليات كتير اول حاجة اهلها مش هيوافقوا انك تتجوزها وتانى حاجة هى هتوافق على انها تراعى معاك اولاد البلد اللى هيتعلموا ويقعدوا معاك؟
- اه وهى غير اهلها خالص.
- بس اللى اعرفه ان (حشمت) ابن خالها متكلم عليها.
- هى مش موافقة عليه.
- ربنا معاك يا بنى.
وكما توقع الشيخ قام اهل (مرفت)برفض زواجهم بل تعدى الامر الى اهانته لتجرئه على طلب الزواج من (مرفت) وبعد ايام معددودات قامت (مرفت)بأخذ جزء كبير من ذهبها وحليها وهربت الى القاهرة وتزوجت من (محمد)وبعد زواجهم بشهر اخذ احد رجال القرية ستة من الاطفال الذين يبلغوا ست سنوات وذهب بهم الى (محمد) بالقاهرة ليبدأ الاخير معهم مشوار لاعدادهم فى التعليم لتمر السنين ويتخرج الستة من كليات (طب) و(حقوق)و(تجارة)
و(شرطة) بالاضافة الى ابن (محمد)نفسه الذى انجبه من (مرفت)والذى ألتحق بالكلية الحربية
وطوال تلك السنين ضحى اهالى القرية بكل ما يملكوا لكى يستطيعوا تدبير مصاريف هولاء الاولاد بالاضافة الى قيام (مرفت) ببيع الكثير من حليها وذهبها،اما اغرب ما حدث خلال تلك السنين عندما قرر (محمد)زيارة البلدة برفقة ابناء تلك القرية بعد ان نجحوا فى الثانوية العامة فتسرب خبر زيارة (محمد) وانتشر موضوع الخطة التى وضعها اهل البلدة من خلال تعليم عدد من ابنائهم وعلم بذلك الاسرة الاقطاعية فقرروا تصفية (محمد)وابنه والستة شباب وتوجه بالفعل عدد من القتلة والمطاريد بناء على امر من الاسرة الاقطاعية لتصفية (محمد) وشباب
ولاول مرة يتصدى رجال القرية الى هولاء المطاريد لانقاذ (محمد)والشباب حتى ان اربعة من رجال القرية قتلوا افتداء لهولاء الشباب لشعورهم بانهم اخر امل لهم ولاولادهم،وبعد ذلك الموقف قرر (محمد)عدم زيارة القرية ولا السماح للشباب بزيارتها الا بعد تخرجهم،وبعد تخرجهم بدأ (محمد)فى تنفيذ خطة فأرسل اولا الطبيب الذى تخرج فى كلية الطب ليفتح عيادة فى القرية لعلاج اهل البلد بدون مقابل واستبقى خريجى الحقوق والتجارة وبداوا فى البحث عن
كل الطرق القانونية لاثبات ملكية الارض لاهالى القرية وبداوا فعلا فى استعادة عدد من الاراضى لتدخل فى ملكية اهل القرية ولكن لم تلبث الاسرة ذات الاصول التركية فى تتبع ذلك الامر وقاموا بقتل (محمد)قبل ان يستطع استعادة باقى الارض دون ان يتقدم اى من تلك الاسرة للمحاكمة الامر الذى ادى الى اشتعال فتيل الغضب بالقرية والخروج فى حشود هائلة واشعال النيران باراضى تلك الاسرة قبل ان يتم اخماد تلك الحالة من الغضب بقتل عدد من الفلاحين وتقديم اخرين منهم للمحاكمة،لتعود الامور لنصابها ليعمل الشباب الذى تلقى تعليمه فى القاهرة سرا على استعادة الارض من تلك الاسرة الباطشة من ناحية والعمل على سرقة عدد من املاكهم وبهائمهم وبيعها وتوزيع الاموال على اهل القرية،فى الوقت الذى توارت فيه (مرفت)مع ابنها بعد مقتل زوجها وبعد تخرج ابنها من الكلية الحربية وقد وضعت فى ابنها قصة والده وتضحيته فى سبيل قريته ولم يغفل الابن لحظة عن ذلك لينضم الى تنظيم من الضباط سمى (الضباط الاحرار) ليشارك فى ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 لتقضى تلك الثورة على الاقطاع والرأسمالية المتحكمة ويتم توزيع اراضى زراعية على الفلاحين بمعدل خمسة افدنة فى احيان وثلاثة افدنة فى احيان اخرى لكل فلاح وطبق نظام الاصلاح الزراعى على تلك القرية فتم سحب كبير من الافدنة المملوكة لتلك العائلة بعد ترك لهم ما يكفيهم من الاراضى وتوزيع الباقى على باقى اهل القرية.
تمت

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق