الجمعة، 13 يونيو 2014

فارس العرب



فارس العرب
1-المغرب
قاوم الشعب المغربى الاحتلال الفرنسى والاسبانى منذ ان فرض عليه الحماية بحثا عن استقلاله وتمثل الكفاح على الصعيدين الشعبى من تظاهرات واعتراضات واضرابات وحتى الكفاح المسلح وكذلك على الصعيد الملكى بقيادة الملك (محمد الخامس) خاصة عند خطبته الشهيرة فى مدينة طنجة عام 1947 التى اكدت على وحدة الهدف بين الملك والشعب نحو تحقيق الاستقلال والتى فتحت باب الكفاح ضد الاحتلال ،وفى مدينة وجدة المغربية يوم السادس عشر من اغسطس عام 1953 تحرك رجال المقاومة المغربية ومن ضمنهم (عابد) الشاب الذى تجاوز العشرينات بست سنوات كاملة ذو القامة الطويلة وصاحب الملامح العربية الاصلية والذى اشتهر بفدائية كبيرة بين اقرانه من رجال المقاومة وبذكاء حاد وتخطيط سليم كما اشتهر بميله الشديد للصمت والاقلال فى الكلام اما فى المعارك فدائما ما يحمس الرجال بهتافه واقدامه وشجاعته اما ما كان يثير دهشة اصدقائه من رجال المقاومة هوغيابه لفترات ليست بالقليلة وعودته فجاة دون موعد محدد واحيانا يظنون انه قتل فى احدى المواجهات ولكنه يظهر فجاة بينهم ليثير دهشتهم خاصة وانهم لا يعرفون من اين جاء هم وجدوه فجاة بينهم يقاوم الى جانبهم فلا يعلموا هل جاء من طنجة ام مراكش ام من الريف؟ولكن فى ذلك اليوم تحرك (عابد)مع رفاقه فى مدينة (وجدة) وهاجموا القوات الفرنسية التى خرجت لتضرب بعنف ودموية تلك الانتفاضة التى خرجت بقوة فقام رجال المقاومة بواجبهم على اكمل وجه فتمت عمليات حرق محطات الوقود كما قام رجال المقاومة بالاشتباك مع الجنود فى مراكزهم وتم تكبيد العدو فى تلك الفترة خسائر فادحة كما سقطت عدد كبير من الضحايا من اهل المدينة نتيجة القمع الوحشى الذى انتهجه المحتل، ولم يضعف ذلك من عزيمة الشعب المغربى بل زاد فى مقاومته خاصة بعد قيام سلطة الاحتلال الى خلع الملك ونفيه مع اسرته الى (مدغشقر) وتعيين ابن عمه محله لينفذ ارادتهم وهو ما رفضه الشعب المغربى وفى عام 1955 تم تشكيل جيش التحرير المغربى ليقوم بعمليات مسلحة ضد المحتل والذى انضم (عابد) اليه فورا ليثبت بطولة فيه،واثناء جلوسه فى احد الايام برفقة صديقه (عبد الكريم) تسائل الاخير:
- آشْ اخبارك؟
- مزيان.
- فين تكون لما تسيبنا؟
-علاش ما نتيق بى؟
- لا وحق الله بنخاف عليك بالزاف.
- ما تخاف.
وفى ذلك الشهر-اكتوبر-اشتعلت الثورة فى المغرب وبعمليات مسلحة قوية كبدت القوات الفرنسية خسائر فادحة واثناء هجوم (عابد) و(عبد الكريم)على عدد من القوات الفرنسية تم اصابة (عبد الكريم) ليحمله (عابد) ويعود به الى مقر قوات التحرير وسط تغطية قامت بها المقاومة تم اسعاف (عبد الكريم) وظل (عابد) بجواره حتى تعافى ونتيجة للمقاومة المغربية رضخ المحتل الفرنسى وعاد الملك (محمد الخامس) والاسرة المالكة الى المغرب وبعدها وجد (عبد الكريم) صديقه يستعد للرحيل مرة اخرى فسأله:
-فينك راح تمشى؟
- دورى هنا انتهى.
- كيف؟
- بعودة الملك يعنى اعتراف العدو بالامر الواقع فالمعركة هنا شبه منتهية وما هى الا فترة قصيرة ويعترف باستقلالنا.
وفى الثانى من شهر مارس عام 1956 اعلنت فرنسا اعترافها باستقلال المملكة المغربية في السابع من شهر ابريل  تم التوقيع مع إسبانيا على اتفاقيات تم بموجبها استرجاع المغرب لأراضيه في الشمال ليتوج الشعب المغربى كفاحه ضد المستعمر بالاستقلال وفي اليوم 22 من شهر ابريل عام 1956 انضمت المملكة المغربية إلى منظمة الأمم المتحدة.
2-تونس
بدأت العمليات الفدائية الحقيقية للمقاومة التونسية عقب الحرب العالمية الثانية خاصة وقد كانت البلاد مسرحا للحرب فى يناير 1952بجنوب تونس وقد شارك فى تلك العمليات (عابد) واثناء توجهه مع رفاقه فى المقاومة فسأله احدهم بصوت خافت:
-كيفاش راح نقدر عليهم يا (باسل)؟
فأجابه (باسل) الذى لم يكن سوى –(عابد)-بلهجة تونسية صحيحة لا تخرج الا من شخص تونسى:
-لا تخاف رد بالك على نفسك وانا معك.
وفى تلك الاثناء كانوا قد اقتربوا من ثكنات الجيش الفرنسى فى ابى لبابة قرب قابس حتى ألقى (باسل) اول قنبلة لتتبعه قنابل زملائه لتتحول الثكنات الى كتلة من نار ويطلق رجال المقاومة النار باتجاه القوات الفرنسية التى تفأجات بذلك الهجوم ليقوم بعدها الرجال بانسحاب منظم بعد ان تحولت الثكنات الى كومة من اللهب الذى تطاير ليلممس السماء،نفذ الرجال المقولة الشهيرة:اطرق على الحديد وهو ساخن ونفذوا العديد من العمليات المتعاقبة منها مهاجمة القوافل العسكرية على طريق (سوسة)،فقامت القوات الفرنسية بمزيد من عمليات القتل والتنكيل والتعذيب حتى قاموا بتشكيل عصابة اجرامية الهدف منها تنفيذ الاغتيالات وتكونت من المعمرين الفرنسيين عرفت باسم (اليد الحمراء)،فأجتمع رجال المقاومة التونسية لمناقشة سبيل التعامل مع تلك العصابة فقال احد الرجال:
-مثل ما يخطفوا رجالنا ويقتلوهم نعاملهم بالمثل.
فتنحح (باسل)قبل ان يقول:
-لى راى.
فألتفت اليه الجميع لما يعرفوه عن (باسل)من رجاحة عقل قبل ان يتسائل احدهم:
-شنوا؟
- رسالة قوية.
- كيفاش؟
- نسف مقر عصابة المعمرين بالعاصمة.
تبادل الجميع النظرات قبل ان يقول القائد:
-راى مزيان برشا.
وقامت مجموعة صغيرة ومعهم (باسل)بنسف مقر العصابة وتوالت العمليات الفدائية وكان (باسل)اسما على مسمى فى العمليات التى شارك بها من تدمير ثكنة فى الجيش الفرنسى فى (صفاقس)والهجوم على قطار يحمل قوات فرنسية،الا انه فى اخر العام قامت قوات الاحتلال باغتيال فرحات حشاد ، السكرتير العام للاتحاد العام التونسي للشغل،لتشتعل المقاومة من جديد من مهاجمة ثكنات وقوات للجيش الفرنسى ومظاهرات حاشدة خلفت الشهداء التونسيين،وفى عام 1954 شهدت (تونس)مقاومة جبارة ضد المحتل كبدته خسائر فادحة مما ادى بالفرنسيين الى اعطاء (تونس)الاستقلال الذاتى عام 1955حتى حصلت (تونس)على استقلالها كاملا فى 20/3/1956.
3-الجزائر
على عكس باقى الطرق التى تنتهجها دول الاحتلال بقيامها باغراق الدولة المراد احتلالها بالديون ثم القيام باستغلال مواردها واحتلال ارضها وفاء للدين،قامت (فرنسا)باحتلال (الجزائر)بأسلوب مختلف حيث كانت (فرنسا)مدينة ل(الجزائر)
بمبلغ عشرون مليون فرانك فرنسى نتيجة مساعدات قدمتها (الجزائر)الى (فرنسا)
عندما تم فرض حصار على (فرنسا) من قبل الدول الاوروبية بسبب اعلانها الثورة الفرنسية،واختلق الفرنسيين واقعة عرفت بواقعة (المروحة)حيث زعموا ان حاكم (الجزائر) طالب الدين من القنصل الفرنسى بطريقة غير لائقة ولوح بالمروحة فى وجهه وهو ما اعتبرته (فرنسا) اهانة لها وقامت باختلاق تلك الكذبة لتكون ذريعة لاحتلال (الجزائر)عام 1830 وهو ما كان لسلطة الاحتلال وظلت المقاومة الجزائرية فى السنوات الاولى من الاحتلال بالرغم من شرفها على ايدى مجاهدين عظام مثل (عبد القادر الجزائرى) والقبائل والمقاومات فى الشمال وقسنطينة الا انها لم تكن شاملة كل ربوع البلاد وكانت تفتقر الى توحيد الجهود لتكون المقاومة فى مكان واحد وهو ما فطن اليه الشعب الجزائرى لاحقا وتم تشكيل جبهة التحرير والتى تمخض عنها جيش التحرير الجزائرى ليحدد يوم الاول من نوفمبر عام 1954 ليكون بداية الثورة الجزائرية لتشهد قوة الاحتلال الفرنسى فى ذلك اليوم احد اسود الايام التى شهدتها فى (الجزائر) طوال فترة الاحتلال(132 عام)،فبضربة واحدة وبكلمتى السر المحددة مسبقا باسم (عقبة وخالد)ضربت المقاومة الجزائرية ضربتها فى ان واحد وكان فارسنا الذى عرف فى (الجزائر) بأسم (بجاد) من ضمن المجموعة التى كانت فى العاصمة (الجزائر) مستهدفين مراكز الجيش الفرنسى وتمت الضربة بنجاح وعلى مستوى (الجزائر) كلها كلفت المحتل خسائر فادحة وكانت شرارة الثورة الاولى وبعد ان عاد (بجاد)مع رفاقه الى المكان السرى للمقاومة الجزائرية قال صديقا له:
-هاذايا يوم اكحل على المعمرين.
فضحك (بجاد)وقال:
-اللى جاى اقسى عليهم.
وشهدت (الجزائر)بعد ذلك الى ابادة قتل وتعذيب لم يشهدا احد من قبل وحاولت القوات المحتلة اخماد المقاومة بشتى الطرق ولكنها باءت بالفشل ووقع هجوم اغسطس عام 1955 ولم يكن (بجاد) موجود بالجزائر وقت وقوعه حيث كان فى (المغرب)يعمل باسم (عابد) وعاد بعد استقلال (المغرب)و(تونس) الى (الجزائر)
لينضم عام 1956 الى العمليات الجزائرية الفدائية التى ألحقت بالفرنسيين الاذى الشديد نتيجة اعمالهم الاجرامية حتى ان الجنرال (بيجار)الذى عرف بسفاح (الجزائر)-نتيجة افعاله الاجرامية-قد شعر بذل ومهانة نتيجة تلك الاعمال البطولية التى قام بها الشعب الجزائرى وكان (بجاد)من ضمن مجموعة (جميلة بوحريد) و (ياسف سعدى) و(جميلة بو عزة)و (حسيبة بن بو على) والتى اذاقت الاحتلال المرار خاصة مع تطور المقاومة الى عمليات التفجيرات خاصة بعد قيام الاحتلال بتفجير 35 قنبلة فى العاصمة وتفجير عمارة فى العاصمة ادت الى وفاة 75 جزائريا عن طريق منظمة اليد الحمراء الارهابية التابعة للاحتلال لتقوم المقاومة
باذاقة المحتل المرار،الا ان فى نهاية عام 1956 تعرضت (مصر)للعدوان الثلاثى
مما دعا (بجاد)للسفر الى (مصر)للكفاح هناك-سنتكلم عنه فى الفصل القادم- ليعود الى (الجزائر)فى بداية 1957 بعد نهاية العدوان على (مصر)،خاصة وان (مصر)
قامت بامداد الثورة الجزائرية بالسلاح والعتاد والتدريب والاموال مما دعا (فرنسا)
الى اشتراكها فى العدوان الثلاثى ضد (مصر)،وعند عودته الى (الجزائر)وجد المقاومة صامدة بالرغم من التنكيل والابادة التى تنتهجها قوات الاحتلال وسقط عدد من رفاقه ما بين شهيد مثل (حسيبة بن بو على)وبين من تم القبض عليه مثل (جميلة بوحريد)و (ياسف سعدى) و(جميلة بو عزة)،وفى احد الايام قال صديق له:
-(بيجار)و(ماسو)يتبعان اساليب وحشية للتاثير على عزمنا،خاصة وقد تم القبض على عدد كبير من قائدى المقاومة.
- (الجزائر)كلها مقاومة حتى لو قتلوا وعذبوا كل رجال ونساء (الجزائر)سيحاربهم الاطفال الرضع،وسنرد ل(بيجار السفاح)الصاع صاعين.
- كيفاش؟
- تفجيرات بأماكن تجمع الجنود الفرنسيين.
وبالفعل تم تفجير المحلات التى تحوى على اكبر تجمع للجنود الفرنسيين،ولم تضعف المقاومة الجزائرية طوال سبع سنوات تى بعد ان وصل عدد شهدائها الى مليون ونصف شهيد الى ان رضخ المحتل ووافق على اجراء استفتاء على استقلال الجزائر عام 1962 وجائت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على الاستقلال بنسبة 97.5 وتم اعلان استقلال الجزائر فى الثالث من شهر يوليو ويكون عيد الاستقلال فى الخامس من يوليو 1962 نفس يوم الاحتلال لتحصل (الجزائر)على استقلالها بعد 132 عام من الاحتلال.
4-مصر
هاجمت (اسرائيل)سيناء فى 29 اكتوبر عام 1956 لتتصدى لها القوات المصرية
وتتضح المؤامرة من خلال بيان (فرنسا)و(انجلترا) لدعوة المتحاربين الى وقف القتال ورجوع قوات الجانبين للرجوع بعشرة اميال جانب قناة السويس مما دعا (مصر)الى رفض البيان فدخلت (فرنسا)و(انجلترا)الحرب ضد (مصر) لتقوم الدولتان بانزال قواتهما فى منطقة القناة مما دعا الجيش المصرى للانسحاب من (سيناء)مفوتا على قوى العدوان خطة تطويق الجيش المصرى وبدات المقاومة الشعبية فى مدينة (بورسعيد)فلم يهنأ الاحتلال لليلة واحدة بوجوده فى تلك المدينة
فقامت المقاومة الشعبية بالتصدى لهم مع كتائب من الحرس الوطنى وكان مع رجال المقاومة-(بجاد)- والذى عرف فى (مصر)بأسم (يس) ويتكلم باللهجة العامية المصرية بحيث من يراه يقول عليه مصرى ابن مصرى، وفى يوم الثانى من شهر نوفمبر اصدرت الامم المتحدة قرارا بوقف اطلاق النار فألتزمت به مصر ولم تلتزم قوات العدوان الا فى يوم 6 نوفمبر وبث الرئيس (جمال عبد الناصر)الحماسة فى صدر المقاومة عندما اصدر خطابه من فوق منبر الازهر معلنا جملته الشهيرة (سنقاتل ...سنقاتل) لتبدأ المقاومة الشرسة ليقوم رجال المقاومة بتهجير عدد كبير من النساء والاطفال بسبب قيام العدو بضرب الاهداف المدنية والاسر والعزل، ولجأت الى حيلة دنيئة بان رفع العدو الاعلام المصرية والروسية والجزائرية على الدبابات ليخرج الاهالى لاستقابلهم لتقوم دبابات العدو باكتسا وقتل الاهالى حتى احتلوا مدينة (بورسعيد)بعد مقاومة الاهالى لثمان ساعات كاملة ولكن ما ان احتل العدو المدينة حتى اصبحت رمال المدينة الى جهنم لتحرق الاعداء وفى الحادى عشر من ديسمبر قرر رجال المقاومة خطف الضابط(انطونى مورهاوس)ابن عم ملكة انجلترا فهو كان معروفا بغطرسته وتعذيبه للمصريين فنصب(يس)وزملائه كمينا له يحيث جعلوا صبيا يسبه ليقوم بمطاردته بالسيارة لينقضوا عليه ويخطفوه،
كما استطاع البطل (السيد عسران)من قتل (ميجور ويليامز)قائد المخابرات الانجليزية فى (مصر)،وفى المكان الذى يجتمع فيه الفدائيين قال احد اصدقاء (يس) له فى لهفة:
-الانجليز والفرنسيين معنوياتهم فى الارض بعد قتل (مورهاوس)و(ويليامز).
- لسه مش هيعرفوا الراحة غير لما يخرجوا من ارضنا ونطهرها منهم.
ومع المقاومة الشديدة انسحبت القوات الانجليزية والفرنسية من مدينة بورسعيد يوم 23ديسمبر ليسجل التاريخ هزيمة ثلاث دول متحدة امام الشعب والجيش المصرى فى ملحمة خالدة.
اما فارس العرب الذى عرف فى (المغرب) باسم (عابد) وفى (تونس) بأسم (باسل)
وفى (الجزائر)باسم (بجاد) وفى (مصر) بأسم (يس) فلم يعلم احد جنسيته فلم يعرف اذا ما كان مغربى ام تونسى او جزائرى او مصرى ولكنه من الموكد انه فارس عربى لعب دور مثل الملايين من ابناء الامة العربية فى استقلال وطنه العربى.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق