السبت، 7 يونيو 2014

امسح...عقلك



امسح...عقلك
يتنقل الاستاذ (فكرى)-الموظف الذى تجاوز الاربعون من عمره-بين قنوات التلفزيون فهو من مدمنى متابعة البرامج التليفزيونية (التوك شو)فأول ما يفعله صباحا مع تناوله للافطار مشاهدة البرامج الاخبارية الصباحية وما ان يحين لحظة ذهابه للعمل يودع التليفزيون كأنه يودع صديق قديم وما ان ينتهى من عمله حتى يعود مسرعا لصديقه الوفى الذى بانتظاره فى المنزل (التلفزيون)ليشاهده للحظات قبل ان ينام فترة الظهيرة ليبدأ يومه الحقيقى فى المساء بدءا من الساعة السابعة مع بداية أول برامج (التوك شو)ليتنقل بين القنوات وبين البرامج وزوجته (نادية) مثله بالضبط يشاهدان البرامج التليفزيونية معا وينفعلا بتلك الاخبار بدرجة كبيرة، الا انهما لم يكنا كذلك من عدة سنوات الامر بدأ منذ انتشار الدش فى البلاد فتهافت الجميع على شراء ذلك الطبق الذى ياتى بمئات القنوات لتختار منها ما تشاء وقام (فكرى)مثل اخرين بشراء ذلك الطبق العجيب وفى اول الامر انصب اهتمامهم على القنوات الترفيهية وكانت طريقة حكمهم على الامور المختلفة بطريقة موضوعية ولكن مع ظهور القنوات الاخبارية وبرامج التوك شو المختلفة بدأوا بالتاثر بتلك القنوات وتلك البرامج فأصبح الكل يتكلم عن مؤامرات وسباب بألفاظ نابية على الهواء امام الملايين من الناس فى البداية استنكر (فكرى)و زوجته هذه البرامج حتى مع مرور الوقت اصبحت امرا واقعا ومن كانوا يسخرون منه الامس اصبح هو الموجه لهم اليوم،واثناء تنقله بين القنوات وجد ابنه وابنته يدخلان الى المنزل فسألهما:
-كنتم فين؟
فأجاب الابن:
-فى السينما.
ودخل الابن والابنة الى حجرتيهما بينما يتابع الاب والام احد البرامج يسمعان الى المذيع الذى صرخ قائلا:
-المؤامرة احنا بنتعرض لمؤامرة كونية كل الدنيا ضدنا واى واحد تلاقيه بيناقش ويتكلم كأنه مثقف اعرف انه خاين وعميل وبرضه تعرف انه بقى عميل لو ابتدا يقرأ كتير،وعلى فكرة الخونة والعملاء دلوقتى كتير ومستخبيين ولازم تشك فى كل الناس حتى ابنك لازم تشك فيه لو بيتاخر بره البيت ممكن تلاقى حد ضحك عليه باسم الشعارات اللى بنسمعها زى الحرية والمواساة والعدل والكلام.
نظر (فكرى)وزوجته الى بعض فى قلق قبل ان يكمل المذيع:
-ازاى تلحق ابنك اذا كان بدأ يفكر وترجعه لطريق الوطنية تانى،طبعا العملاء والخونة مش بيتفرجوا على ابرنامج بتاعى انت حاول تقنعه انه يتفرج على البرنامج وانا من اول حلقة هقنعة يبطل تفكير.
فطلب الاب من ابنه وابنته ان يخرجا الى الصالة حيث يجلس مع زوجته امام التلفزيون وقال لهما:
-تعالوا اتفرجوا معانا على البرنامج ده.
فجاء الابن والابنة ليشاهدا ذلك الاعلامى فضحكا  وقالت الابنة باستنكار:
-نتفرج على مين على ده؟
فتسائل الاب:
-ماله؟
- ده مجنون وعبيط وتبع كل نظام ولما يسقط النظام يعمل نفسه ثورى وانه هو اللى اسقط النظام.
- طب اسمعوا الاول بيقول ايه؟
فجلس الابناء استجابة لرغبة ابيهم ليسمعوا المذيع يصرخ ويقول:
-احترسوا من الخونة ومن العملاء وادعموا الوطن اى حد بيطالب باى مطالب له يبقى خاين وعايز يوقع البلد.
واخذ يذكر العديد من الشخصيات العامة  قبل ان يصفهم بالخيانة والعمالة لاحدى الدول وانه يحمل مستندات توكد كلامه فأظهر اوراقا على الهواء دون ان يظهر فى ذلك الورق شىء حتى وصل ذلك المذيع الى قمة ادائه التمثيل وصرخ:
-بعد اللى انا نشرته اكبر اجهزة مخابرات فى العالم هتستهدفنى بس مش مهم انا اهم حاجة (مصر).
وبأداء تمثيلى خلع جاكت البدلة وقال:
-انا مش بلبس واقى ضد الرصاص ومش بمشى بحرس كله فى سبيل (مصر).
نظر (فكرى)الى ابنه وابنته ليرى رد فعهلم على هذا الكلام المؤثر من المذيع-من وجهة نظره-فوجدهم يضحكون عليه وقال لهم:
-انتوا بتضحكوا على ايه؟
- على المجنون ده.
- ليه؟
فقالت الابنة:
-زى ما قلتلك يا بابا ده منافق ومشكلته انه كدب الكدبة وصدقها وافتكر نفسه ثائر ووطنى كل اللى بيعمله اكل عيش اهم حاجة عنده انه يرضى توجهات صاحب القناة اللى اصلا رجل اعمال استفاد من نظام سياسى معين وبيحاول يساعده من خلال القناة وبرده يدخل فلوس.
فأكمل الابن:
-انا مش مصدق الناس بتصدق مذيع زى ده ازاى وهو نفسه مش بيتكسف من اللى بيعمله ولا من نظرة اولاده له وبعدين بالعقل ناس متهمة بالتخابر والجاسوسية هو هيعرفهم من غير الاجهزة الامنية ما تعرف حاجة زى كده.
فتسائل الاب:
-طب هو بيجيب الكلام ده منين؟
- من خياله الواسع ده وصل زى فرعون لما كدب على الناس لما قالهم انه اله ولما لقى الناس صدقوه هو صدق كدبته.
- يعنى انتوا شايفين ان مفيش اعلام محترم فى البلد؟
- مين قال كده اكيد فيه اعلام محترم فى البلد بس اكيد مش الاعلامى ده.
- والناس اللى بتهاجم المسئولين فى البلد علشان يعطلوا البلد اكيد بمخطط والاعلامى ده هو اللى بيكشفهم.
فقالت الابنة:
-يا بابا المسئولين فى الاول والاخر بشر ومش معنى ان حد بينتقدهم يبقى خاين ومش معنى ان واحد مسئول فى البلد يبقى اكتر وطنية من غيره مش كل مسئول لازم يكون بيحب البلد ومش مش مسئول لازم ميكنش بيحب البلد.
فلما لم يجد ما يبرر وجه نظره ليقوله قال لهم:
-طب يلا ادخلوا شوفوا وراكم ايه تعملوه.
فدخل الاثنان الى حجرتيهما بينما بقى الاب والام يشاهدان ذلك البرنامج ويتناقشان كيف سيقنعان ابنائهما بمسح عقليهما ومتابعة ذلك الاعلام.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق