السبت، 22 يوليو 2017

الاجتماع



الاجتماع
نحن لسنا مدعوين لهذا الاجتماع انه مقتصر على فئة معينة فقط، بالرغم من ان تلك الفئة تقرر مصيرنا ومستقبلنا فى هذا الاجتماع وغيره الا اننا محرم علينا الاجتماع معهم ولكن اليوم قررنا ان نحضر هذا الاجتماع او ربما هم من قرروا ان يجعلونا نحضر هذا الاجتماع بسبب نزوة او رغبة منهم ان يكون الامر مسليا ان نظن انه بامكاننا ان نقرر او حتى لو علمنا بالمجهول فان عجزنا لن يمكنا من تغيير من الواقع الذى رسموه لنا.
حسنا دائما ما يتم هذا الاجتماع بينهم فقط عددهم ( سبعة) الاول هو اشهر رجل اعمال فى البلاد ودائما يتناقل العامة الاشاعات والقصص والاساطير حول ثروته وعما يمتلكه خاصة وانه يتاجر فى كل شىء ولديه امتيازات لكل شىء فلا يعرف ابدا الابواب المغلقة ولكن الحقيقة المؤكدة فى كل ما يقال من اشاعات واساطير انه احد المتحكمين فى اقتصاد البلاد ونفوذه اقوى مما يتصوره الجميع فالسلطة يجب ان تحميها وتعضدها المال واسمه فى الاجتماع (قارون)، اما الثانى فلقبه (السمسار) لانه سمسار لاى شىء فى البلاد فهو سمسار للوظائف والمناصب العليا والصغرى والكليات والهيئات المختلفة والانضمام لعدد من اندية كرة القدم حتى انه سمسار متعة لذوى النفوذ فلا يوجد ما يمكن ان يباع او يتم التجارة فيه من قوت الناس او املاك البلاد الا ويحصل منها السمسار على نسبة ولكل شى ثمنه، اما الثالث فلقبه (القائد) بالرغم من انه ليس قائدا عليهم الا انهم اطلقوا اللقب عليه لما يتصف به من صرامة وقوة واختصاصه هو حل اى مشكلة سياسية لهم بالاضافة لتامين الجانب الامنى لاجتماعاتهم، ورابعهم هو (مولانا) الداعية الاشهر والشيخ الاقرب لقلوب الناس وصاحب الاساطير الروحانية والذى رفعه بعض الناس المغيبة الى مرتبة المعصومين وهو المحلل للحرام لكل ما يتعلق بتلك المجموعة فمولانا دائما ما يقبض ثمن فتاويه الفاسدة على حسابه فى الخارج بالاضافة الى تخصيص اكبر برنامج دينى بأكبر اجر لشيخ فى البلاد فى القناة الخاصة برجل الاعمال (قارون) والتى يسلط الضوء على وجهه فى البرنامج ليصبح اكثر بياضا وكأن هالة نور تطل من وجهه بالاضافة لجلبابه الابيض وذقنه البيضاء ويسير (مولانا) دائما على حبل لا ينتهى بين الورع والتشدد والاعتدال حتى يؤثر على دراويشه فاذا اراد التاثير فى شباب لاتباعه فى امر فانه يحدثهم عن مواقف فى حياة احد السلف الصالح ويقول لهم :(انى ارى فيكم احد هؤلاء السلف فمن منكم يتبعنى ليصبح مثله ويؤجر بنفس اجره) فيتبعه الحمقى دون تفكير ويسمعونه فى الزهد بتأثر دون النظر لفيلته التى يسكن بها مع زوجاته الاربع او الى ساعته التى تساوى ملايين الدولارات، وخامس الاشخاص لقبه (الطابية) وحاز على ذلك اللقب تشبها بالطابية فى الشطرنج لما للطابية من قوة تتحرك فى كل انحاء الرقعة اما عمله فهو اعلامى مدافع عن كل ما يتعلق بالمجتمعين وصاحب قدرة كبيرة على الصياح والهتاف والانفعال بالاضافة لقدرته الخارقة على مخاطبة الكاميرا لساعات طويلة فبرنامجه فى قناة (قارون) من اعلى البرامج مشاهدة وهو المثال الحى لقدرة الاعلام على الاقناع والتوجيه فلديه قدرة على اقناع المواطن بان فقره وذله وحالته المتردية انما هو لمصلحته وعلى الرغم من ذلك فإن شخصية الطابية متغيرة فيتم استبدالها من فترة لاخرى بطابية اخرى عندما تكف قدرة الطابية الاولى عن اداء مهامها فى الاقناع وجلس (الطابية) بجوار (قارون) كالكلب الوفى بجوار صاحبه منتظرا اوامره،وسادسهم يدعى (المسئول) فهو مسئول فى الحكومة وله نفوذ قوى واخر الحاضرين فى الاجتماع هو احد الافراد العاديين لاول مرة لكى يحضر الاجتماع والذى من خلاله استطعنا ان نحضر الاجتماع وتم التنبيه عليه بعدم المقاطعة او الكلام وانه موجود ليسمع فقط لا لكى يتحدث فأنكمش فى مقعده فى خوف دون اى كلمة، وبداوا الاجتماع لتقرير مصير الناس فقال (قارون) :
-المرحلة اللى جاية ايه الاحسن لنا ان الاسعار تثبت زى ما هى ولا نرفع اسعار السلع والمنتجات؟
فأجاب (الطابية):
-بتهيالى معاليك ان الاسعار تثبت زى ما هى الناس ممكن نتفجر لو حصل اى زيادة فى الاسعار.
فقال (القائد) فى حزم:
-نرفع الاسعار لازم الناس تغرق فى دوامة الظروف علشان ميفضوش انهم يفكروا فى اى حاجة تانية الموضوع كله هياخد كام مقالة على كام تدوينة او بوست على الفيسبوك وخلاص هيبقى امر واقع.
فصمت الجميع وقال (الطابية):
-ونعم الراى معاليك هى دى الخبرة.
فقال (القائد):
-اسلوب ال... ده مش بياكل معايا اتشطر واعمل الكلام ده لما الاسعار تزيد علشان تهدى الناس.
فشحب وجه المواطن العادى وبدا فى اجراء عمليات حسابية فى راسه حتى يرى مصاريفه بعد الزيادة التى تمت قبل ان يقطع عملياته الحسابية صوت (السمسار) مخاطبا (قارون):
-بالنسبة للتعيينات الجديدة هنعمل ايه؟
- العادى حبايبنا وولاد حبايبنا واللى هينفعك وشوية من بقية الناس.
فتذكر المواطن العادى ابنه الشاب المتفوق الذكى الذى لم يحصل على فرصة تناسب اجتهاده وتفوقه فلم يستطع ان يصمت فأندفع قائلا:
-طيب هيحصل ايه لو اتوزعت المناصب والوظائف فى البلد بالعدل وبالكفاءة والاجتهاد؟
فقال المسئول:
-لو توزعت المناصب والوظائف فى البلد دى بالعدل والكفاءة والاجتهاد ساعتها ولادنا هيبقوا سعاة وعمال نظافة عند ابناء السعاة وعمال النظافة،
لازم ولادنا يبقوا زينا سادة ويتجوزوا بنات اكبر عائلات مش زى باقى الناس الواحد منهم بيضيع نصف عمره علشان يعرف يتجوز ويضيع النصف التانى علشان يصرف على الجواز ده.
فصمت المواطن ليقول (قارون):
-يبقى المفروض الفترة اللى جاية تشد حيلك شوية يا (طابية) انت و(مولانا) علشان الظروف اللى جاية.
فقال (مولانا):
-قولى بس انت ايه اللى نقول عليه حرام وايه اللى نقول عليه حلال واحنا نشوفله الاسانيد.
فلم يستطع المواطن ان يصمت وقال:
-وده يبقى حلال يا (مولانا)؟
- الضرر الاصغر مطلوب لدرء الضرر الاكبر عن الامة.
فقال (قارون):
-خلاص الاجتماع خلص.
فسار المواطن وراسه للارض فى انكسار.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق