الخميس، 17 أغسطس 2017

المفاوضات



               المفاوضات
قصة تنتمى للقصص الفانتازية الخيالية الخفيفة ذات بعد كوميدى بسيط بين قوسين (تافهة)
.......................................................................
استعدت أمى للخروج لشراء الخضراوات والفاكهة فتأهبت بالتبعية للذهاب معا للسوق لحمل ما سوف تشتريه لمستلزمات البيت وما ان خرجنا من البيت حتى سألتها:
-هنشترى ايه الاول السمك ولا الفاكهة ولا الخضار؟
فأجابت بلهجة الخبير:
-الخضار طبعا الطماطم والخيار والبقدونس؟
- ليه؟
- علشان لو جبنا السمك الاول بتاع الخضار هيعرف اننا مضطرين نشترى الخضار من عنده لزوم السلطة والحاجات بتاعت السمك فمش هيدينا فرصة للفصال اما لو روحنا كده فممكن نشترى اى حاجة للغداء وبعدين نخلى الفاكهة للاخر علشان الفكهانى لما يلاقى معانا شيل كتير هيعرف اننا دفعنا فلوس كتير وساعتها ممكن يرضى نفاصل معاه علشان هيفتكر اننا وقتها ممكن منشتريش فاكهة ونكتفى بالفلوس اللى دفعناها فى الغداء.
نظرت لها فى انبهار مأخوذا بتلك العقلية العبقرية، وكانت البداية عند فرشة الخضار لتفاصل امى معه فى السعر لتنقص سبعة جنيهات كاملة من مجموعة ما قمنا بشراءه من عنده وبعدها اتجهنا الى السماك لتكمل امى انتصاراتها فى ذلك اليوم وتنهى امى اخر معاركها عند الفكهانى بهزيمة نكراء بالضربة القاضية من اول جولة لنعود سويا الى المنزل ومعنا غنيمة المعارك لاعداد الغداء،
فأمى وبالرغم من بساطتها الشديدة وطيبتها ولكنها مثل اى امراة مصرية مقدامة وصاحبة دهاء بكل ما يتعلق بشئون البيت وخاصة فيما يتعلق بالمفاوضات مع الباعة ولذا قبل تقدمى لخطبتى استعدت امى جيدا بالورقة والقلم فيما يتعلق بما سأتحمله وبما ستتحمله اسرة زوجتى المستقبلية وبدات فى الاستعداد للحرب القادمة فهى تعلم بان العدو هذه المرة هم نسايبنا الجداد ومن المؤكد ان ام العروسة ليست بالخصم السهل مثل صاحب فرشة الخضار او الفكهانى او السماك فوجدتها اعدت عدتها وعتادها وورقتها التى تحولت الى خريطة حرب وبدات تقول بصوت مرتفع:
-احنا هنمشى بالاصول ونخلى الامور متوازنة وعلشان تبقى متوازنة هى هتيجى عليا فى الاول وانا كمان هاجى عليها علشان نوصل لنقطة المنتصف.
وفى اليوم الموعود ذهبنا الى اسرة عروستى وبدات الجنرالتان (امى وحماتى) فى العناق وتبادل القبل وان لم تخف عن ناظرى نظرات الاستعداد والترقب المتبادلة فأفتتح الحديث فبدات امى:
-ده بنتك دى بنتى وتستاهل ثقلها دهب.
فرد حماتى قائلة:
-وهو ابنى واحنا بنشترى راجل وهو سيدى الراجل.
وبعد المجاملات بدات المناقشات والطلبات المختلفة فدارت رأسى بكلمات واشياء كثيرة لم استطع مجارتهم فى كل الحوار ولكنى التقط بعض الكلمات:
-اوضة النوم، يبقى عليكم اوضة الاطفال، كهرباء البيت، السفرة ، الصينى، الشوار، الرخامة ، المطبخ.
فحاولت ان افهم اكثر فحولت نظرى الى ابى وحماى فعلمت انهما ليس افضل حالى منى وبدا الاثنان يتبادلان عبارات المجاملة والحديث عن الزمن الفائت وسنين الصبا وبتكلفة زواجهما من ثلاثين عاما فأكتشفت انى وابى وحمايا جالسين فى تلك الجلسة (بركة)،فقررت ان اترك امى وحماتى فى ملحمتهم الاسطورية التى قد تضاهى ملحمة طروادة وان اترك ابى وحمايا فى ذكرياتهم عن الماضى حتى انى انتظرت ان اسمع (عبد المطلب) يغنى :
-عمر اللى فات ما هيرجع تانى.
 فققرت ان انظر الى خطيبتى لابتسم لها ابتسامة بلهاء جعلت شكلى ابله بينما هى تصنعت الخجل ونظرت الى الارض بابتسامة لهاء ايضا، ومضى كل شىء على ما يرام وتم تحديد فترة الخطوبة وميعاد الزواج ومضت الايام التالية فى هدوء حتى حدث ما لم يكن فى الحسبان فأثناء عودتى الى منزلى بعد انتهاء العمل حتى فوجئت بسيارة سوداء كبيرة تقف امامى وينزل منها اشخاص اشداء تقدم احدهم نحوى وتاكد من شخصيتى وقال لى:
-اتفضل معانا.
- فين؟
-مش مسموح ليا انى اقول اتفضل معانا.
فدخلت معهم الى السيارة ووضعوا عصابة على عينى حتى لا اعلم معالم الطريق وبعد عشر دقائق كنت انزل من السيارة ويتم اصطحابى الى مبنى شعرت به من السلالم التى صعدتها حتى اجلسونى على كرسى وبعد دقائق وجدت من ينزع العصابة عن عينى لاجد شخص فى منتصف الاربيعنيات يجلس امامى ليقول:
-اهلا بك واحنا اسفين اننا جبناك هنا بالطريقة دى.
- مين حضراتكم وانا هنا فين؟
- انت هنا فى (.........)
فشعرت بالرهبة من تواجدى فى هذا المبنى الامنى وقلت:
-اكيد فى حاجة غلط انا معملتش اى حاجة.
- لا مفيش غلط احنا عايزينك انت بالذات.
فنظر الى بنظرة (محسن ممتاز) الى (رافت الهجان) وقال لى:
-مصر محتاجة امك.
- طيب ايه لازمة الغلط ده يا باشا؟
- لا دى مش شتيمة بجد مصر محتاج امك.
- ازاى يعنى؟
- فى عصابة خطيرة اقتحمت بنك ومعاهم رهائن كتير وفى ناس من الرهائن مهمين جدا رجال اعمال معروفين وشخصيات سياسية كبيرة واحنا بنحاول نتفاوض معاهم بقالنا اربع ساعات بس مفيش تقدم فى المفاوضات فتحرياتنا والمعلومات اللى عندنا بتقول ان امك احسن واحدة ممكن تعمل مفاوضات معاهم.
- اه بس ده موضوع خطير يا باشا.
فوضع الرجل يده على كتفى وقال:
-بس دى مصر يا بنى.
- باشا من الاخر هتدفعوا كام؟
- هتقبل تاخد فلوس من مصر امك؟
- طبعا يا باشا ما هى برضه اللى هتعمل الخدمة دى لمصر امى برضه ومفيهاش حاجة لما امى تاخد فلوس من امى الموضوع هيبقى فى العائلة يا افندم.
- عشر الاف جنيه.
-تمام يا باشا تحت امرك.
- يعنى امك هتقبل تعمل المفاوضات مع العصابة دى؟
- طبعا يا باشا هو احنا نقدر نتأخر على مصر دى امنا، بس هستاذن حضرتك هتبعتنى بالعربية اجيب امى من البيت ونطلع بها على مسرح العمليات عند البنك.
بعد ساعة واحدة كنت وامى امام البنك فتقدم مننا احد المسئولين عن العملية فسالته امى:
-ايه المطلوب مننا؟
فنظر المسئول الى امى وقال:
-هما محتجزين حوالى خمسين رهينة ومعاهم حوالى خمسين مليون جنيه ورافضين كل محاولاتنا للتفاوض احنا عاوزينك تقنعيهم انهم يخرجوا عدد من الرهائن على سبيل حسن النية علشان لما نقتحم ميبقاش فيه خسائر كبيرة.
فتم التواصل مع الخاطفين واخبارهم بان امى هى من ستتولى التفاوض معهم والمسئولة عن تنفيذ طلباتهم فقال زعيم العصابة:
-احنا عاوزين عربية توصلنا لغاية المطار بالفلوس والرهائن اللى معانا وطيارة نبقى مستنيانة بالوقود وفيها طيار يوصلنا للمكان اللى احنا عايزينه.
فقالت امى:
-بس كده دى طلباتكم؟
فتبادل مسئولى الامن النظرات فى دهشة وارتبك زعيم الخاطفين قبل ان يقول:
-اه هى دى طلباتنا.
- دى حاجة سهلة اوى حاضر هننفذ طلباتكم.
واغلقت معهم الهاتف قبل ان يتسائل احد رجال الامن:
-ايه اللى عملتيه ده يا حاجة؟
- اصبر يا بنى هو قال طلباته واحنا وافقنا ننفذها فكده هنضمن انه مفيش حد من الرهائن هيجراله حاجة وبعدين هو فتح لينا سكة للتفاوض معاه وبقت مشكلته يشوفلنا طريقة ننفذ بها مطالبه.
- ازاى؟
فالتقطت التليفون واتصلت بالخاطفين وقالت لرئيسهم:
-دلوقتى احنا جهزنا كل حاجة فى المطار بس انتوا محتاجين كام عربية وهتاخدوا معاكم كام رهينة؟
- يعنى ايه؟
- معلوماتى ان معاكم حوالى خمسين رهينة واكيد علشان تروحوا بهم المطار محتاجين عشر عربيات وده مش منطقى فتحبوا ننفذ طلباتكم ازاى؟
فساد الصمت فى الجانب الاخر فقالت امى مقاطعة الصمت:
-انا عندى حل كويس.
- قولى.
- زى ما ظهرنا حسن النية ووافقنا على طلباتكم ممكن تفرج عن بعض الرهائن حتى علشان تقدر تتحرك بالباقى اللى معاك واكيد الناس اللى هنا معايا هيقدروا حاجة زى دى والمهم عندنا سلامة الرهائن مش مهم الفلوس اللى تاخدوها وعلشان نظهر حسن النية بزيادة اختاروا انتوا الرهائن اللى تفرجوا عنهم.
فساد صمت ودارت مناقشات فى الجانب الاخر قبل ان يقول:
-احنا موافقين دلوقتى هيخرج كل السيدات اللى موجودين وعمال النظافة والامن اللى شغالين فى المكان.
فصافح رجال الامن بعضهم البعضهم واشارت امى لهم بعلامة النصر قبل ان تقول:
-دى خطوة ممتازة اوى منكم اول ما يخرج الرهائن هنتكلم فى خطوات تنفيذ طلباتكم.
فقال اكبر رجال الامن رتبة مخاطبا امى:
-انتى متطلبتيش منه يخرج رجال الاعمال والشخصيات المهمة؟
- لانه كان هيشك اننا عندنا فكرة الاقتحام وعايزين نحافظ على حياة الناس المهمة بس كده مش هيشك وبعدين احنا كسبنا خطوة كبيرة وخرجنا نصف المحتجزين.
وبدأت الرهائن فى الخروج ليصطحبهم رجال الامن لاماكن بعيدة لرعايتهم وسؤالهم عن الاحوال بالداخل قبل ان يتجه احد رجال الامن الى امى ويسألها:
-مش هتتكلمى معاهم.
- لا سيبهم يقلقوا شوية الوقت فى الاول كان لصالحهم دلوقتى الوقت فى صالحنا بعد ما خرجنا عدد من الرهائن ببلاش.
وبعد مرور نصف ساعة اتصلت امى بالخاطفين:
-فيه عندنا مشكلة بسيطة فى الطيارة بنحاول نحلها ممكن تاخد وقت زيادة.
فصرخ زعيم الخاطفين:
-يعنى ايه انتوا لو محلتوش المشكلة دى حالا ونفذتم طلباتنا هموت عدد من الرهائن وارمى جثتهم قصاد البنك علشان الاعلام يصورهم وهبدأ بكبار رجال الاعمال.
فقالت امى بنبرة حاسمة مماثلة لنبرة زعيم الخاطفين:
-بلاش تهديد وافعال ممكن تندم عليها انت اظهرت حسن نية لو اى حد عندك جراله حاجة والعملية بتاعتك فشلت مش هيقل الموضوع عن اعدام غير الاهانة والبهدلة اللى هتتعرضلها بسبب الناس المهمين اللى عندك بس لو الناس كلها سليمة والموضوع مكملش ده اكيد هيتم مراعات ان كل الرهائن عايشين.
فساد الصمت قبل ان يقول:
-فاضل وقت قد ايه علشان تنفذوا طلباتنا؟
- هقولك بعد عشر دقائق.
واغلقت امى الهاتف قبل ان يسالها احد الجالسين معنا:
-مش ممكن يتهوروا ويموتوا حد من الرهائن؟
- لا دلوقتى بقينا احنا الاتنين فى موقف قوة وهما عرفوا كده علشان كده هكلمهم بعد نصف ساعة يكونوا اتوتروا اكتر.
وبعد نصف ساعة اتصلت بهم امى وقالت:
-طلباتكم هتتنفذ بعد نصف ساعة من دلوقتى بس لازم تفرجوا عن عدد من الرهائن علشان يتوافق على طلباتكم ونصيحة وافقوا على الطلب ده علشان ممكن ياخدوا قرار هنا ممكن يبقى صعب كلنا ولو وافقتم هقولكم على الاسماء اللى احنا عايزينكم تفرجوا عنهم.
فساد المت قبل ان يعلنوا عن موافقتهم فى النهاية ليتم الافراج عن عشرة من الرهائن من بينهم اهم رجال الاعمال والشخصيات السياسية ليبقى خمس عشر شخص فقط بالداخل للتصل بهم امى وتقول فى حسم:
-قيادات عليا رفضت طلباتكم وللاسف بتديكم فرصة للاستسلام خلال ربع ساعة والا هتقتحم المكان.
فصرخ زعيم الخاطفين:
-يعنى كنتوا بتضحكوا علينا هموتلكم الرهائن كلهم.
- بلاش انفعال خلينا واقعيين القرار جاى من فوق خالص ولو انتوا اذيتوا حد من الرهائن وحصل اقتحام هتتصفوا واللى هيموت منكم هيبقى حظه احسن من اللى هيفضل عايش وبالنسبة للضحايا الناس المهمة خرجت خلاص وهيتم الاشادة بالتعامل وبنسبة الضحايا القليلة بالنسبة لعدد الرهائن اللى افرج عنهم واكيد زى ما بيحصل على طول هيتم صرف تعويض عشرين الف جنيه للقتيل وخمس الاف جنيه للمصاب فلو استسلمتوا دلوقتى فى وعد انكم تتعاملوا باسلوب محترم وهيتم مراعاة ان مفيش ضحايا من الرهائن.
وبعد ربع ساعة تم استسلام جميع الخاطفين والافراج عن الرهائن دون اصابة او اطلاق رصاصة واحدة، بسبب امى.
تمت


                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق