الأحد، 16 يوليو 2017

فيلم رعب



فيلم رعب

فى احد استوديوهات التصوير السينمائية العريقة اتخذ الجميع مواقعه من فنانين وعمال وساد صمت عميق قبل ان يقطع ذلك الصمت صوت المخرج قائلا:
-اكشن.
ليمسك (أكرم) بطل الفيلم كتابا قديما مهترئتة صفحاته ليقرأ منه قائلا:
-ولاستحضار الجان وتسخير احدهم ليكون من خدام المستحضر يتم قراءة التعويذة التالية ثلاث مرات بصوت مرتفع ويحذر من عواقب تلك الطريقة.
وبدأ (أكرم) فى قراءة التعويذة وقبل ان يكتمل من قراءتها حدث تذبذب فى الاضاءة ليصرخ المخرج فى غضب:
-ستووووب.
ليصب غضبه على فنيين الاضاءة الذين اكدوا بان جميع الدوائر والتوصيلات الكهربائية سليمة ليعيد المخرج المشهد ويبدأ (أكرم)  فى قراءة المشهد مرة اخرى وقبل ان يكمل المشهد صرخت بطلة الفيلم لتفزع جميع من فى الاستوديو ليلتلف الجميع حولها فقالت فى خوف:
-شفت حاجة شفافة بتمشى فى اتجاه الاوضة دى.
فتشجع عدد من العمال وخلفهم المخرج وبطل العمل وفتحوا الباب فى حذر ليجدوا الحجرة خالية تماما فكتم المخرج غضبه وطلب من الممثلة ان تتجه الى حجرتها حتى تستريح من التوتر الذى يلاحقها وما دخلت الممثلة الى غرفتها حتى وقف المخرج ذو الخمسون عاما فى منتصف الاستوديو بقامته الطويلة فتح اول زرين من قميصه المشجر الذى يتناسب مع سنه وصرخ فى الجميع قائلا:
-عليا الطلاق بالتلاتة لو حد اتكلم او طلعله نفس مهما كان مين لأقطع لسانه ولو حاجة عطلت لأدفن المسئول عنها فى مكانه.
فذهب المخرج الى موقعه بينما ساد صمت رهيب بالمكان حتى ان بعض العاملين قد وضعوا ايديهم على فمهم حتى لا يخرج منهم اى نفس وبدأ تصوير المشهد وما ان أتم (أكرم) كلماته حتى سقط مغشيا عليه فى موقع التصوير فألتف الجميع حوله بينما اشار المخرج لمساعده وقال له:
-كده المشهد ده خلص خدوه لغاية ما البيه خلص كلامه قبل ما يدوخ ويقع.
وذهب كلا الى منزله بعد ان استرد (أكرم) وعيه وتم الاطمئنان عليه وفى اليوم التالى وقبل بداية التصوير تم سماع صرحة قوية ليجرى كل من فى الاستوديو نحو مصدر الصرخة ليجدوا احد العمال ملقى ارضا بعد ان فقد الحياة فأسرعوا بطلب الاسعاف ولكنهم اعلنوا ان العامل المسكين قد فارق الحياة وتم التكتم على الخبر من قبل أسرة الفيلم وبتشديد خاص من المنتج حتى لا تلاحق الفيلم سمعة سيئة تودى الى فشله وخسارة المنتج لامواله وتم تداول الخبر على ان العامل قد توفى نتيجة ازمة قلبية خاصة وان نتيجة تشريح الجثة قد نفت وجود جريمة قتل ولكن صرخة العامل قبل وفاته قد ظلت لغز محير للعاملين بالفيلم وبعد ثلاثة ايام بدأ استكمال تصوير الفيلم ولكن قبل نهاية اول ايام التصوير بعد العودة تم سماع صرخة مدوية ليجرى الجميع باتجاه الصرخة ليقفوا امام غرفة احدى الممثلات المشتركات فى الفيلم فكسروا الباب ليجدوها مقتولة بحبل غليظ تم ربطه حول رقبتها وقبل ان يفيق الجميع من دهشته تم سماع صرخة ولكن هذه المرة من المكان الخاص بالبوفيه ليجدوا عامل البوفيه مذبوحا كالنعاج وساد التوتر والرعب والصراخ بالاستوديو وفى اقل من ساعة وصل عدد كبير من رجال الشرطة ورجال المعمل الجنائى وتم التشديد على بقاء الجميع داخل موقع التصوير لأستجوابهم واثناء تواجد الشرطة داخل الاستوديو تم سماع صرخة لينتقل الجميع نحو مصدر الصرخة فأقتحموا الغرفة كالمعتاد ليجدوا ممثل شاب واحد الوجوه الصاعدة وقد تم ذبحه مثل الممثلة المقتولة فساد الرعب والذعر وبدأ الجميع يفقد اعصابه رافضين التواجد بذلك الاستوديو ولم يجد رجال الامن حل سوى السماح للجميع بالذهاب لمنزله مع التحذير بعدم السفر لاى مكان فى الفترة المقبلة وسيتم استكمال التحقيقات معهم فى الايام المقبلة وانتشر الخبر فى الصحافة فى اليوم التالى مباشرة وتم الغاء الفيلم واعتقد الجميع بان ذلك هو نهاية الاحداث الدامية ولكن الاحداث التى تمت فى اليومين التاليين اثبتت عكس ذلك تماما فمقتل مساعد المخرج بمنزله والقاء بطلة الفيلم من شرفة منزلها بالدور السابع ووفاتها ادى الى حالة من الذعر بين كل من كان مشاركا فى ذلك الفيلم خاصة وعدم وصول رجال البحث الجنائى لاى نتيجة وعدم وجود اى خيط يدل على مرتكب الواقعة، فلجأ (أكرم) الى صديقه (عز)-الخبير بالظواهر غير الطبيعية- وهو فى حالة رعب فأستمع اليه (عز) بعد ان باءت كل محاولاته لتهدئة صديقه بالفشل ليقول (عز):
-انا طبعا قرأت اللى اتكتب عن الحوادث دى فى الجرايد و(هبه) مراتى فى الداخلية سمعت عن الموضوع بس فيه تفاصيل واحداث مأتقلتش زى الربط بين العامل اللى اتقتل والاحداث اللى حصلت بعد كده زى طرق القتل وتوقيتها، ممكن اشوف مكان التصوير اللى حصلت فيه الحوادث؟
- أكيد طبعا.
وفى اليوم التالى جاء (أكرم) ومعه المخرج والمنتج وعدد ممن شاركوا فى الفيلم ومن شعروا بالرعب مثل (أكرم) الذى فوجىء بحضور كل هؤلاء فنظر الى صديقه بنظرة عتاب الذى قال مدافعا عن نفسه:
-كنت محتاج حد يقدر يدخلك الاستوديو بعد اللى حصل وكلهم قالوا لبعض فعملوا زى الغريق اللى بيتعلق بقشة وجم معايا.
فذهبوا جميعا الى موقع التصوير واصطحب (عز) زوجته (هبه) لما لها من خبرة امنية بطبيعة عملها فى الشرطة وبدا يستمع الى رواية الجميع عن ما حدث ومشاهدة موقع كل حادث وبعد انتهوا سال (عز) زوجته:
-ايه رايك؟
- الجريمتين اللى حصلوا فى نفس اليوم انتم قولتوا انكم سمعتوا الصرخة كسرتوا الباب لقيتوا الممثلة مذبوحة وفى نفس الوقت سمعتوا صرخة لقيتوا عامل البوفيه مقتول هو كمان بادأة قتل مختلفة ده معناه ان فيه اكتر من قاتل ازاى يقتل الاتنين فى فاصل زمنى اقل من ثلاثة دقائق الا اذا فيه اكتر من قاتل بس فيه اكتر من سؤال ازاى القاتل دخل وخرج من غرفة الممثلة والباب مقفول من جوة وهو بيهرب محدش شافه.
فقال المنتج بعصبية:
-هو فيلم نحس من الاول انا كان مالى بافلام الرعب، النحس بدا لما النور قطع ورجع تانى ولما استاذ (اكرم) فقد الوعى.
فتسائل (عز):
-(اكرم) فقد الوعى ازاى؟
فقصوا عليا فقدانه للوعى بعد قراءته للتعويذة قبل وفاة اول عامل مباشرة فتسائل (عز) :
-وفين الكتاب اللى كنت بتقرأ منه ده؟
فبحث الانتاج عن ذلك الكتاب حتى وجدوه ضمن مخلفات الفيلم فأمسك (عز) الكتاب وفتحه وقال:
-ده كتاب حقيقى مش ورق سيناريو؟
فقال المخرج:
-اه اخدناه من المؤلف وقلنا بدل ما ننقل الكلام المكتوب نخلى (أكرم) يقرأ منه على طول نعمل واقعية خصوصا ان الكتاب شكله قديم.
فبدأ (عز) يطالع صفحات الكتاب فقال:
-ده كتاب (....) – لن نذكر اسم الكتاب فى القصة- نسخة أصلية، ده كتاب خطير جدا.
فتبادل الجميع النظرات فى عدم فهم ليلتفت (عز) الى صديقه ويساله:
-فين الصفحة اللى قرأءتها؟
فأخذ (أكرم) الكتاب وفتح الصفحة التى قرأءها لياخذ (عز) الكتاب ويطالع الصفحة قبل ان يقول للجميع:
-تمام سيبولى الكتاب ده وبكرة هنتقابل بس محدش منكم يقعد فى مكان لوحده حتى لو فى الحمام ونصيحة خليكوا مع بعض كلكم الليلة دى.
فأمسك مدير الكاميرا بيد (عز) وقال:
-وانت هتبات معانا النهاردة مش هنسيبك.
فتشجع الباقيين ليصمموا على بقاء (عز) معهم ليجتمعوا جميعا فى بيت المنتج وجلس (عز) ليبدأ فى البحث عن الكتاب الذى بين يديه عن طريق الانترنت وفى مجموعة من الكتاب الخاصة به احضرها معه قبل الانتقال الى بيت المنتج وظل الجميع يتطلع اليه صامتين حتى رفع عينيهم اليه فنظروا له فى رجاء وقال لهم:
-زى ما قلتلكم الكتاب ده خطير جدا كفاية تعرفوا ان فيه فتاوى تحريم صدرت ضد الكتاب وكان بيتم تداوله فى السحر وبدات الناس بعد الانترنت تدخل تدور عليه وتقراه بس النسخ الجديدة كلها فيها تحريف وفى حاجات كتير مش موجودة بس بس النسخة دى اصلية وفيها فصول كامل
عن تحضير واستدعاء وتسخير الجان.
فتردد (عز) قبل ان يقول لصديقه:
-وانت يا (أكرم) قرأت فى اثناء تصويرك للفيلم تعويذة حقيقية عن الاستحضار والتسخير بنفس الشروط وتلات مرات بصوت عالى.
فصدم الجميع قبل ان يردد (أكرم):
-ده جنون ازاى؟
فقال (عز):
-ده سؤال غالبا ممكن نلاقى اجابته عند المؤلف هل يقصد حاجة زى كده وجاب النسخة الاصلية منين فممكن بكرة لما نساله...
فقاطعه (أكرم):
-مفيش بكرة احنا هنروح دلوقتى نطلع عين اهله وبعدين نفهم يلا بينا.
فتوجهوا جميعا الى بيت المؤلف ليضربوا بقوة على باب منزله فى الثانية من منتصف الليل ليفتح الباب لهم فزعا ليضربه (أكرم) فى وجهه ليسقط المؤلف ارضا ليتكالب الجميع عليه ويضربوه بقوة قبل ان يخلصه (عز) بصعوبة واجلسه فى الصالون فتساءل المؤلف فى رعب:
-فيه ايه؟
ليضربه المنتج على مؤخرة راسه قائلا:
-انت تجاوب بس متسألش.
فأخرج (عز) الكتاب وتساءل فى هدوء:
- الكتاب ده بتاعك؟
فأجاب فى تردد وخوف:
-اه.
- جبته منين؟
- ورثته كان فى مكتبة ابويا.
- كتاب نادر من مئات السنين مفيش منه نسخة حقيقية موجودة وتقولى ورثه انت لو مقلتليش جايبه منين هسيبك لهم وساعتها مش هيرحموك الناس دى فى رعب ومش عارفة تنام بقالها اسبوع ومستنيين حد له علاقة من الموضوع من بعيد يظهر علشان يفشوا غلهم فيه.
فتردد قليلا قبل ان يقول:
-الكتاب ده اشتريته من مكتبة فى سور الازبكية كنت بتمشى هناك لما استاذ (عفيفى) المخرج قالى انه عايز يغير نهاية الفيلم غير اللى مكتوبة
فأقترح عليا انى اروح سور الازبكية اشوف الكتب اللى لها علاقة بالسحر والجان ورشحلى كام مكتبة وفرشة فلقيت الكتاب ده واندهشت انه نسخة اصلية وصاحب كشك الكتب مش عارف قيمته ولما جبت الكتاب وبدات اقرأ فيه لقيت الافكار الجديدة والعبقرية كلها بدأت تدخل جوة دماغى حتى اننا غيرنا ستين فى المائة من قصة الفيلم بالافكار الجديدة.
فتساءل (عز) مخاطبا المخرج:
-الكلام ده صحيح يا استاذ (عفيفى).
- اه انا قلتله الفكرة دى بس هو مقاليش انه جاب الكتاب وعمل كل ده انا شفته مرة فى الاستوديو بالكتاب فلقيت شكله قديم قلت نصور به حتى معرفش الكتاب ده بيتكلم عن ايه؟
فقال (عز):
-بسيطة بكرة من الساعة عشرة الصبح نكون فى سور الازبكية ونشوف صاحب المكتبة ونعرف القصة ايه هنتقابل هناك الساعة عشرة الصبح.
وافترقوا جميعا وفى صباح اليوم التالى اجتمع الجميع بميدان العتبة فقال (أكرم) مخاطبا المؤلف:
-لو كنت هربت ومجتش معانا النهاردة كنا اتأكدنا انك وراء الموضوع ده ومكنتش رحمتك.
فسار المؤلف وتبعه الجميع حتى وصلوا الى كشك الكتب فوجدوه مغلق فسأل (عز) مكتبة بجوار الكشك عن صاحب الاخير فأجاب الرجل:
-البقية فى حياتك يا بيه الحاج (مسعد) لقوه مقتول فى بيته النهاردة الصبح.
فصدموا جميعا ليخرجهم (عز) من تلك الصدمة طالبا منهم الاجتماع فى بيت المؤلف وبعد ان وصلوا الى هناك فقال (عز):
- كده كل حاجة بقت مفهومة.
فتساءل (أكرم) فى لهفة:
-صحيح؟ ايه السر؟
- السر ان فيه حد استغل الفيلم علشان يستحضر او يسخر جنى فأتسبب فى كل اللى حصل ده ويا اما هو اللى بيسخر الجنى فى قتل ضحاياه يا اما الجنى ده استحضر دون قدرة من سيطرة عليه.
- ومين الشخص ده؟
- اكيد واحد من الموجودين هنا علشان هو اللى كان عارف بموضوع صاحب المكتبة وقتله قبل ما نوصله علشان كان يعرفه.
- هنعرفه ازاى؟
- بطريقة سهلة جدا ممكن كلكم تقعدوا جنب بعض.
فجلسوا جميعا على الانتريه فأخرج (عز) الكتاب واشعل ولاعته وقال:
-يا ترى اللى استحضر الجنى ده هيقدر يستحمل ان الكتاب ده يتحرق، ومعاه الجنى بتاعه.
واقترب بولاعته من الكتاب لينتفض المخرج من مكانه ويجرى باتجاه (عز) محاولا نزع الكتاب ليندفع الاخرين ليمسكوه ويقو المخرج بهستيرية شديدة:
-ايوه انا اللى استحضرت الجنى بالكتاب وخليت المؤلف العبيط بطريقة غير مباشرة يجيب الكتاب ونستخدم التعويذة الموجودة فيه للاستحضار.
- جبت الكتاب منين؟
- من الشيطان نفسه روحتله بارادتى الحرة المختارة وقدمت فروض ولائى وطاعتى له بكل طرق الود والتعاويذ وكافئنى بالكتاب ده علشان احقق كل امنياتى.
وفى لحظات بدأ الجميع يشعر بدوار ووجود كائن خفى ليصيح المخرج بفرح جنونى:
-اقتلهم كلهم.
وفى تلك اللحظة اشعل (عز) النار فى الكتاب وبدات النيران فى التهامه ليندفع المخرج دافعا كل من حوله للامساك بالكتاب محاولا اخماد النيران وبعكس ان تخمد النيران مثل احراق باقى الكتب اشتعلت النيران بشكل اعلى مع صرخة صمت اذان الجميع لتمسك النيران بجسد المخرج ويتمثل الجنى والمخرج بشكل واحد تتغير ملامحه يحترقان معا بينما صرخ الباقيين وعادوا الى الخلف وانبطحوا ارضا حتى خمدت النار تماما مخلفة وراءها جثة المخرج ورماد منثور ليقول (عز):
-الكتاب والجنى واللى استحضره فى مصير واحد فى الدنيا ولسه مصيرهم فى الاخره.
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق